للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما منع بعض الناس من بعض هذا الثمر لسبب غير التشريع الديني فلا شرك فيه، وقد يوافق بعض أدلة الشرع فيكون منعاً شرعياً أي تحريماً كمنع الطبيب بعض المرضى من أكل الخبز أو الثمر لأنه يضره.. والتحريم ليس تشريعاً من الطبيب بل الله تعالى هو الذي حرم كل ضار وإنما الطبيب معرف للمريض بأنه ضار.. وكذلك منع السلطان من صيد بعض الطير في بعض الأحوال للمصلحة العامة.. ولكن مثل هذين ليس تحريماً ذاتياً لما ذكر يدوم بدوامه بل مؤقت بدوام سببه ولا هو مبني على أن للسلطان أن يحرم شيئاً بمحض إرادته وإنما هو مكلف شرعاً بصيانة المصالح ودرء المفاسد، فإذا أخطأ في اجتهاده بشيء من ذلك وجب على الأمة الإنكار عليه وعليه الرجوع إلى الحق" ١.

فإذن ـ ما يقرره السلطان من سياسة ليس شركاً ـ لأنه بإذن الله تعالى والسلطان "ظل الله في الأرض" ٢ وأما إنكار الأمة عليه، فله نظام دقيق في الشريعة، وتوزيع على الأمة فيجب على العلماء ما لا يجب على العامة من ذلك٣.

العلاقة بين الربوبية والإلهية:

وبين الربوبية والإلهية علاقة وثيقة، هي علاقة المقدمة بالنتيجة، والربوبية تستلزم الإلهية، والإلهية تتضمن الربوبية، لذلك فإننا كثيراً ما نستدل بالآيات التي نصبها الله تعالى على وحدانيته على غير ما وضعت له وهو وجوده تعالى وربوبيته وإلا فإن هذه الأخيرة لم تكن محلاً للاستدلال في القرآن الكريم كما سوف ترى.

يقول الشيخ رشيد: "لأن الربوبية والألوهية متلازمان، فالآيات الدالة


١ تفسير المنار (٨/ ١٣٥)
٢ انظر: ابن أبي عاصم: السنة (٢/ ٤٩٢) وحسنه الألباني. ط. المكتب الإسلامي، الأولى ١٤٠١هـ.
٣ انظر: في تفصيل هذه المسألة: ابن تيمية: الحسبة (٦٥و ٦٦ ٨٠و ٨١ ـ ضمن مجموع الفتاوى جـ ٢٨)

<<  <   >  >>