للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أن الرب واحد، دالة أيضاً على أنه الإله وحده.." ١ "وتوحيد الربوبية دال على وجوب توحيد العبادة للرب وحده" ٢ ويقرر الشيخ رشيد أن توحيد الربوبية هو البرهان الأعلى لتوحيد الألوهية ٣ ويبين ذلك قائلاً: "..فإذا كان تعالى هو الخالق المقدر وهو السيد المالك المدبر، وهو الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، وفضل بعض المخلوقات على بعض ولكنها بالنسبة إليه على حد سوى، فكيف اسفه نفسي وأكفر ربي بجعل المخلوق المربوب مثلي رباً لي.." ٤.

ويحاول الشيخ رشيد إبراز هذه العلاقة في كل مناسبة تسمح وعند كل فرصة تسنح.

ففي فاتحة الكتاب، وعند تفسير قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ٥ يقول: "إن عبادة الله تعالى هي غاية الشكر له في القيام بما يجب لألوهيته، واستعانته هي غاية الشكر له في القيام بما يجب لربوبيته، أما الأول فظاهر لأنه الإله الحق فلا يعبد بحق سواه، وأما الثاني: فلأنه هو المربي للعباد الذي وهب لهم جميع ما تكمل به تربيتهم الصورية والمعنوية. ومن هنا تعلم أن إيراد ذكر العبادة والاستعانة بعد ذكر اسم الجلالة الأعظم، واسم الرب الأكرم، إنما هو لترتبهما عليهما من قبيل ترتيب النشر على اللّف.

والاستعانة بهذا المعنى ترادف التوكل على الله وتحل محله، وهو كمال التوحيد والعبادة الخالصة. ولذلك جمع القرآن بينهما في مثل قوله تعالى: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} ٦.


١ تفسير المنار (٧/ ٣٠١)
٢ تفسير المنار (٩/ ٢٠٤) وانظر: الوحي المحمدي (ص: ١٧٠)
٣ المصدر السابق (٨/ ٢٤٥)
٤ المصدر السابق، الموضع نفسه.
٥ سورة الفاتحة: الآية (٥)
٦ سورة هود: الآية (١٢٣)

<<  <   >  >>