للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه الاستعانة هي ثمرة التوحيد واختصاص الله بالعبادة.. إذا تدبرت هذا فهمت منه نكتة من نكت تقديم العبادة على الاستعانة، وهي أن الثانية ثمرة للأولى، ولا ينافي هذا أن العبادة نفسها مما يستعان عليه بالله.. فالعبادة تكون سبباً للمعونة من وجه، والمعونة تكون سبباً للعبادة من وجه آخر.. فكل منهما سبب ومسبب وعلة ومعلول، والجهة مختلفة فلا دور في المسألة" ١.

العلاقة بين الربوبية وسائر الصفات:

وننتقل من هذه العلاقة بين الربوبية والإلهية والتلازم والتضمن إلى العلاقة بين الربوبية وسائر الصفات الإلهية.

فإنه وإن كانت الربوبية صفة من صفات الله تعالى إلا أنها ـ كما يقول: رشيد رضا ـ هي التي ربما يرجع إليها معنى الصفات جميعاً ٢.

وتحتمل صفة الربوبية أن تكون صفة ذات، على معنى أنه السيد والمالك، أو صفة فعل على أنه تعالى المبلغ كل ما أبدعه حد كماله ٣.

وترتبط الصفات الإلهية بعلاقات التضمن والالتزام، فبينما تدل كل صفة على نفسها وعلى الذات بالمطابقة، فإنها تدل على الصفات الأخرى باللزوم.

فالسميع يدل على ذات الرب وسمعه بالمطابقة، وعلى الذات وحدها وعلى السمع وحده، بالتضمن ويدل على اسم "الحي" وصفة الحياة بالالتزام. ٤.


١ تفسير المنار (١/ ٦٠ـ ٦١) وقارن مع: ابن القيم: إغاثة اللهفان (١/ ٢٧) ت: حامد الفقي، ومحمد بن عبد الوهاب: الدرر السنية (٢/٦٤ـ ٦٥)
٢ تفسير المنار (١/٥١)
٣ انظر: البيهقي: الاعتقاد (ص: ٦٧) ت: أحمد عصام الكاتب، دار الآفاق، بيروت، الأولى ١٤٠١هـ
٤ ابن القيم: مدارج السالكين (١/ ٣٠)

<<  <   >  >>