للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهدفنا فيما يلي إن شاء الله الوقوف على تقرير الشيخ رشيد لأدلة المعرفة: الفطرية والنظرية، ومنهجه في تقريرها والاستدلال بها في معرفة الله تبارك وتعالى.

وإذا كان المتكلمون يذهبون إلى أن معرفة الله تعالى نظرية، وينكرون المعرفة الفطرية الضرورية ١، فإن أهل السنة من السلف فمن بعدهم يذهبون إلى أن معرفة الله تعالى فطرية، وهم مع ذلك لا ينكرون النظر وأهميته في معرفة الله تعالى، ولكنهم يقولون بالنظر الشرعي الذي أمر به الله تعالى، لا النظر الجدلي الذي اخترعه المتكلمون وأطلقوا عليه هذا الاسم من باب المغالطة.

فلدينا ـ إذن ـ مذهبان في المعرفة: مذهب المعرفة الفطرية، ومذهب المعرفة النظرية.

ويعرض الشيخ رشيد هذين المنهجين ويجمع بينهما، قائلاً: "إن المسألة فطرية في الحقيقة، وإن إقامة الأنبياء والحكماء الحجج عليها هي لإصلاح فطرة من عرضت لهم الشبه فيها، كما تعرض في غيرها من الأمور الفطرية والضرورية،.. لذلك قال الله تعالى: {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ..} ٢ فأشار أولاً إلى أن الإيمان به أمر ثابت في الفطرة لا موضع للشك فيه، ثم ذكر بعض صنعه الدال على قدرته وانفراده بالتأثير والتدبير وهو كونه فاطر السماوات والأرض، أي: شق وفصل بعضها من بعض.." ٣.

على أن النظر الذي يؤيده الشيخ رشيد رضا، مخالف لنظر المتكلمين وموافق للنظر القرآني، كما سوف يتبين إن شاء الله.


١ انظر: عبد الجبار: شرح الأصول الخمسة (ص:٤٨ و ٥٢ ـ ٥٤) ط. مكتبة وهبة، الأولى ١٣٨٤هـ ت: عبد الكريم عثمان.
٢ سورة إبراهيم، الآية (١٠)
٣ مجلة المنار (٧/ ١٣٩)

<<  <   >  >>