للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذهب إليه الشيخ رشيد بوضوح، لا سيما في آخر مؤلفاته ـ الوحي المحمدي ـ بأنها الدين.

مفسدات الفطرة:

إذا كان التوحيد هو من مقتضى الفطرة، كما أن من مقتضاها الميل إلى النظر والاستدلال، وطلب الحق بالدليل، فإن الشيخ رشيد يعتبر الشرك والتقليد من أكبر المفسدات لهذه الفطرة، فيقول:

"ومن أصول الدين وأسسه الفطرية العبودية للسلطة الغيبية التي تنتهي إليها الأسباب وتقف دون اكننناه حقيقتها العقول، أي لمصدر هذه السلطة والتصرف في الكائنات كلها ـ وهو الله عزوجل ـ وكأن أكبر وأشد مفسدات الفطرة حصر تلك السلطة العليا في بعض المخلوقات التي يستكبرها الإنسان ويعيا في فهم حقيقتها بادئ الرأي،.. وهذا هو أصل الشرك.. ويتلو هذا الفساد والإفساد: التقليد الذي يمده ويؤيده ويحول بينه وبين العقول التي كمل الله بها فطرة البشر وبين عملها الذي خلقت لأجله وهو النظر والاستدلال لأجل التوصل إلى معرفة الحق والخير.." ١.

والحق أن المشركين الذين فسدت فطرتهم إنما استندوا إلى التقليد في قولهم: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} ٢.

ويرى الشيخ رشيد أن هذا الفساد الذي يعرض للفطرة فيغيرها ويبدلها، من الممكن أن يعالج، وتعود الفطرة لسلامتها واستقامتها، وذلك باتباع دين الإسلام الذي هو دين الفطرة. ٣.

الفرق بين الدين الفطري والدين التشريعي:

وإذا قيل الدين الفطري، وأن الإنسان يولد على الفطرة، فليس معناه أن الإنسان يولد عالماً بالشريعة، فإن هذا مما ينافيالفهم الصحيح


١ تفسير المنار (٥/ ٤٢٩)
٢ سورة الأحزاب: الآية (٢٣)
٣ الوحي المحمدي (ص:٢٤١)

<<  <   >  >>