للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن العلاقة بينهما يقول الشيخ رشيد إن الدين التعليمي: "شرع لتكميل استعداد البشر للرقي في العلم والحكمة ومعرفة الله عزوجل المعدة إياهم لسعادة الآخرة، فليس فيه شيء يصادمها، فهذا الدين التعليمي حاجة من حاجّ الفطرة البشرية لا يتم كمالها بدونه، فهو لنوع الإنسان كالعقل لأفراده.."١. ويقول:

" إن الدين الفطري هو الأصل الذي بني عليه الدين التشريعي ٢. فالإسلام ـ مثلاً ـ ومثله كل دين ورسول أرسله الله تعالى قد "شرع لمساعدة العقل على حفظ مواهب الله تعالى في الفطرة ومنع الهوى من إفسادها وصدها عن الوصول إلى كمالها، ولذلك سمي دين الفطرة.."٣.

ثم يشرح لنا هذا المعنى ـ كون الإسلام دين الفطرة ـ قائلاً: "..هو أنه موافق لسنن الله تعالى في الخلقة الإنسانية لأنه يعطي القوى الجسدية حقوقها والقوى الروحانية حقوقها ويسير مع هذه القوى على طريق الاعتدال حتى تبلغ كمالها.."٤.

وإن كان هذا هو شأن الإسلام، ومثله كل دين صحيح أنزله الله، فإن الأديان المحرفة المطورة "المجددة" تبدو ـ بعد التحريف ـ وكأنها شرعت لتقاوم الفطرة الإنسانية، وتسير في اتجاه معاكس لخلقة الله تعالى، لذلك فإنها قد وجدت ردّ فعل يناسب هذا الاتجاه، وهو انصراف أصحابها عنها لا سيما ذوي العقول العصرية منهم.

لقد بدل الإسلام الاعتقاد السائد بأن الأديان شرعت "لمقاومة مقتضى الخلقة وأن أصوله فوق قضايا العقول وأحكامه وراء مدى الأفهام، وأن الغرض منه تعذيب النفس وحرمانها نعيم الدنيا، وأنه لا حق لصاحب الدين في طلب الدليل.. أما القرآن فقد أتى على مثل هذه القواعد التقليدية فنسفها نسفاً وبين للناس أن الدين مع الفطرة في قرن، ارتقاؤه هو ارتقاء الفطرة،


١ المصدر نفسه.
٢ المصدر نفسه.
٣ تفسير المنار (٨/ ٢٥٣)
٤ مجلة المنار (٨/ ١٨ـ ٢١)

<<  <   >  >>