للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولذلك ـ وكما يقول الشيخ رشيد ـ: "فقد ذكر الدعاء في القرآن أكثر من سبعين مرة، بل زهاء سبعين بعد سبعين مرة، لأنه روح العبادة ومخها، بل هو العبادة التي هي دين الفطرة كله، وما عداه من العبادات فوضعي تشريعي من تعليم الوحي، فهو يغذيها وينقيها من شوائب الآراء وينفي عنها تقاليد الأهواء.." ١.

فوظيفة العبادة التشريعية هي ما ذكر الشيخ رشيد، من تقوية الشعور الفطري، وتنقية العبادة الفطرية مما قد يشوبها من الآراء والتوجهات الفاسدة المفسدة لها، بسبب الجهل أو التقليد الأعمى.

ونلاحظ في تعريف الشيخ رشيد للدين المطلق أو الفطري، أنه يفسر لنا سبب هذا التوجه الفطري بالدعاء إلى فاطر السماوات والأرض، بأنه الاعتقاد بأنه المصدر الذاتي للنفع والضر المحركين لشعور التعبد الفطري، وهو الدعاء ٢.

وهي ملاحظة هامة، سنرجع إليها إن شاء الله تعالى عند الكلام على مباحث الألوهية.

ويؤيد ما ذهب إليه الشيخ رشيد من تقرير هذه العبادة الفطرية، ما ذكره الله تعالى في كتابه عن الناس عامة وعن المشركين أيضاً، من أنهم يلجأون إليه عند يأسهم من الأسباب، وقربهم من الهلاك ٣.

الفطرة والميثاق:

ويربط الشيخ رشيد بين الفطرة والعهد الإلهي، أو الميثاق الأول، الذي أخذه الله تعالى على بني آدم، بربوبيته تعالى لهم، وإقرارهم بذلك.

فعند قوله تعالى: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ..} ٤ قال:


١ الوحي المحمدي (ص: ١٧١)
٢ راجع (ص:٤٤٥) من هذا البحث.
٣ انظر مثلاً: سورة الإسراء، الآية (٦٧)
٤ سورة البقرة، الآية (٢٧)

<<  <   >  >>