للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ، قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ..} ١ فجواب الأمم لأنبيائهم عن قولهم {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ} بقولهم {إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا} يدل على أنهم لميكونوا شاكين في وجود الله تعالى وإنما شكهم في النبوات.." ٢.

ويستدل الشيخ أيضاً بالاستقراء التاريخي، "فإنه لم توجد أمة من الأمم ولا شعب من الشعوب إلا وهو يعتقد بإله للكون وموجد للعالم" ٣.

وبناءً على ذلك "فقد ذهب بعض العلماء والحكماء إلى أن معرفة الله تعالى فطرية في البشر لا حاجة بهم إلى الاستدلال عليها، لولا ما أحدثته اصطلاحات العلوم والفنون من البحث في الضروريات والبدهيات" ٤.

فإذا قيل: إذا كان الدين ومعرفة الله تعالى ضرورية فطرية، فكيف وجد من الناس من أنكر وجود الخالق، فلو كان هذا الاعتقاد فطرياً ضرورياً في البشر لما وجد من ينكره، ويجيب الشيخ قائلاً:

"والجواب الصحيح: أن هؤلاء الشّذاذ قد أصابهم مرض في عقولهم خرج بهم عن مزاج الفطرة المعتدل بالنسبة لهذه العقيدة، والعقول تمرض كما تمرض الأجسام" ٥. ".. ويحال شذوذهم على مرض عرض لهذا الشعور الفطري كما يعرض للإحساس بالحلاوة مرض يمنع من إدراكها" ٦.

وإذا كان الإيمان بالله تعالى فطرياً، فالدين حاجة من حاجات البشر الضرورية، وأما الإلحاد والتعطيل فهو "نقص في الفطرة والخلقة، أليس يولد


١ سورة إبراهيم، الآيات (٩ـ ١٠)
٢ مجلة المنار (٢/ ٥٢٣)
٣ المصدر نفسه.
٤ مجلة المنار (٧/١٣٨)
٥ المصدر نفسه (٢/٥٢٣)
٦ المصدر نفسه (٧/١٣٨)

<<  <   >  >>