للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي يدل عليه ظاهر القرآن، وتؤيده الأحاديث الصحيحة، المرفوعة والموقوفة، ومنها وأصرحها حديث ابن عباس ١ وقد صح مرفوعاً، فوجب المصير إليه وطرح ما سواه.

ومما يؤيد المرفوع الآثار الموقوفة ٢ وعدم بيان الميثاق في بعض الأحاديث ليس مستلزماً لعدمه، وعليه فإن قوله تعالى {أَنْ تَقُولُوا} مسقط لعذر الغفلة والنسيان، لأنه متعلق بفعل مضمر يقتضيه الكلام، والمعنى: فعلنا ما فعلنا من الأمر بذكر الميثاق وبيان كراهة أن تقولوا أو لئلا تقولوا أيها الكفرة يوم القيامة إنا كنا عن ذلك الميثاق غافلين لم ننبه عليه في دار التكليف وإلا لعملنا بموجبه ٣، وأما سبب نسيانه، فلأن "تلك البنية قد انقضت وتغيرت أحوالها بمرور الزمان عليها في أصلاب الآباء وأرحام الأمهات.." ٤.

وقد روي عن بعض السلف، أنه كان يذكر ذلك العهد والميثاق ٥.

استدلال الشيخ رشيد بالفطرة:

واستدل الشيخ رشيد ـ بعد تعريفه للفطرة، وتفسيره لها، بالفطرة، على وجود الله تعالى ومعرفته، واعتبرها دليلاً أصيلاً يحال عليها في هذه المسألة، وأجاب عن الاعتراضات الواردة على هذا الدليل.

فاستدل أولاً لها من الكتاب العزيز؛ فقال: "..ويدل عليه ما جاء في القرآن من محاجة الأنبياء لأقوامهم، قال تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ جَاءَتْهُمْ


١ انظر: تعليق أحمد شاكر على الطبري (١٣/ ٢٢٢) حاشية، وتعليقه على المسند (١/ ١٥١) حاشية
٢ انظر هذه الآثار عند الطبري: جامع البيان (١٣/ ٢٢٢ ـ ٢٥٠) وتعليق الشيخ أحمد شاكر ـ رحمه الله ـ عليها.
٣ أبو السعود: المصدر السابق (٣/ ٢٩١)
٤ انظر: الجمل: الفتوحات الإلهية (٢/ ٢٠٩) .
٥ الجمل: المصدر نفسه، وصديق حسن خان: فتح البيان (٣/ ٤٥٧)

<<  <   >  >>