للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الرأي الثاني، وهو المؤيد بالأحاديث المرفوعة والموقوفة فهو: "أن الله أخرج جميع ذرية آدم من ظهور الآباء في صورة الذر، وأشهدهم على أنفسهم بلسان المقال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} ثم أرسل بعد ذلك الرسل مذكرة بذلك الميثاق.." ١.

وهذا الرأي الذي مال إليه الشيخ رشيد قائلاً: "هذا ما يتبادر فهمه من الآيات لذاتها.." ٢ قد قال به من قبله بعض السلف، ومن القائلين به: شيخ الإسلام ابن تيمية ٣ وابن القيم ٤.

والعلة من هذا الإشهاد عند الشيخ رشيد ـ ومعه أصحاب هذا الرأي ـ "..أي: فعلنا هذا منعاً لاعتذاركم أو احتجاجكم يوم القيامة بأن تقولوا إذا أنتم أشركتم: إنا كنا غافلين عن هذا التوحيد للربوبية وما يستلزمه من توحيد الإلهية بعبادة الرب وحده... والمراد أن الله تعالى لا يقبل منهم الاعتذار بتقليد آبائهم وأجدادهم كما أنه لم يقبل منهم الاعتذار بالجهل، بعدما أقام عليهم من حج الفطرة والعقل" ٥.

ولقد ذكر الشيخ رشيد الرأي الثاني، وأشار إلى أن الأحاديث التي تؤيده موقوفة، وأنها "كانت موضوع بحث ومناقشة بين علماء المعقول والمنقول.." ٦.

ومن واجبي الآن أن أبين للقراء، أن الرأي الثاني هو الصواب، وهو


١ انظر: ابن تيمية: درء التعارض (٨/ ٤٨٢) ، وحاشية محمد رشاد سالم (٨/ ٤٨٢) و٤٨٣) ، وانظر: أحمد شاكر: المسند (٤/ ١٥١) بالحاشية. وانظر: الطبري: جامع البيان (١٣/ ٢٢٢) ت: محمود وأحمد شاكر، وصديق حسن خان: المصدر السابق، وأبو السعود: المصدر السابق، والجمل: الفتوحات الإلهية (٢/ ٢٠٧) ،والنسفي: المصدر السابق، ومحمد الأمين الشنقيطي: المصدر السابق.
٢ تفسير المنار (٩/ ٣٨٨)
٣ درء التعارض (٨/ ٤٨٢ ـ ٤٨٥)
٤ الروح (ص: ٢٥٠ ـ ٢٦٥)
٥ تفسير المنار (٩/ ٣٨٧ ـ ٣٨٨)
٦ المصدر السابق، وانظر: مصادر حاشية رقم (٢) في الصفحة السابقة.

<<  <   >  >>