للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالنظر والتأمل والفكر من وسائل المعرفة وطرائقها، "ألا وإن أعلى العلوم العقلية والمعارف الروحية في هذه الدنيا هو معرفة الله سبحانه وتعالى والعلم بمظاهر أسمائه وصفاته في خلقه والوقوف على سننه وأسراره فيها، وكشف الحجب عما أودع الله فيها من الجمال والجلال ... " ١.

ولقد ذكر الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز، وهو آياته المنزلة، شيئاً كثيراً من آياته المخلوقة في الكون والإنسان، وبين ما فيها من سنن وآيات ترشد إلى معرفة الله تعالى بصفاته العليا، من قدرة وحكمة وعلم وإرادة..

" وما زال أصحاب الهمم العالية من العلماء والحكماء يستدلون بما ظهر لهم من تلك السنن والآيات على كمال مبدعها ومبدئها ومصرفها، وتتطلع عيون عقولهم إلى كيفية صدور الوجود الممكن الحادث (وهو مجموع هذه العلوم العلوية والسفلية) عن الوجود الأزلي الواجب.." ٢.

ولقد نعى الله تعالى على الذين لا يستخدمون حواسهم من سمع وبصر، في التأمل والتدبر، وفهم آيات الله الكونية والشرعية.

قال تعالى عن هؤلاء الغافلين: {لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} ٣.

" أي لهم أبصار وأسماع لا يوجهونها إلى التأمل والتفكر فيما يرون من آيات الله في خلقه، وفيما يسمعون من آيات الله المنزلة على رسله.. فيهتدوا بكل منها إلى ما فيه سعادتهم في دنياهم وأخراهم. {أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} أي: عن آيات الله في الأنفس والآفاق التي تهدي إلى معرفة العبد نفسه وربه" ٤.


١ محمد رشيد رضا: تفسير المنار (٩/ ١٥٠)
٢ المصدر نفسه.
٣ سورة الأعراف: الآية (١٧٩)
٤ تفسير المنار (٩/ ٤٢٦)

<<  <   >  >>