للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن ما حقيقة النظر الذي يدعو إليه ربنا تبارك وتعالى، وما الفرق بينه وبين النظر الذي أوجبه المتكلمون، وقالوا: إنه الطريق الوحيد لمعرفة الله تعالى؟

تعريف الشيخ رشيد للنظر والفكر:

أما الفكر فيقول عنه:"وأكثر ما استعمله التنزيل في آيات الله ودلائل وجوده ووحدانيته، وحكمته ورحمته" ١، قال تعالى: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ} ٢.

وأيضاً فإن استعمال القرآن لكلمتي الفكر والتفكير يدل "على أنهما في العقليات المحضة أو في العقليات التي مبادئها حسيات" ٣.

أما عن النظر فيقول: ".. واستعمال القرآن يدل على أن النظر العقلي مبدأ من مبادئ الفكر والتفكير، كما أن مبدأه هو النظر الحسي في الغالب كقوله تعالى: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} ٤. إلخ. وقوله: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا} ٥إلخ. ومنه النظر في عاقبة الأمم برؤية آثارها في عدة آيات.."٦.

فالفكر يكون في العقليات المحضة أو التي مبدأها الحس، أما النظر فمبدأه هو النظر الحسي في الملكوت والآيات فهذا هو النظر وهذا هو محله، وليس القضايا الجدلية، والأقيسة المنطقية الجافة، والفروض الذهنية المجردة، والذين يذهبون إلى هذا النظر معتقدين أنه يؤدي إلى معرفة الله واهمون، يقول الشيخ رشيد واصفاً هؤلاء بأنهم "الواهمون أن معرفة الله


١ المصدر نفسه (٩/ ٤٦٠)
٢ آل عمران، الآية (١٩١)
٣ المصدر نفسه.
٤ سورة الغاشية: الآيات (١٧ـ ٢٠)
٥ سورة: ق الآية (٦)
٦ تفسير المنار (٩/ ٤٦٠ـ ٤٦١)

<<  <   >  >>