للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقتبس من الجدليات النظرية، والأقيسة المنطقية دون الدلائل الوجودية الحقيقية، ولو كان زعمهم حقيقة لا وهماً لكان الله سبحانه قد استدل في كتابه بالأدلة النظرية الفكرية، وذكر الدور والتسلسل وغير ذلك من الاصطلاحات الكلامية، ولم يستدل بالسماء والأرض والليل والنهار والفلك والمطر وتأثيره في الحياة، وغير ذلك من المخلوقات التي ارشدا القرآن إلى النظر فيها.."١.

وهذا هو النظر الشرعي، فإنه إذا قيل: هل النظر واجب، قلنا النظر الواجب هو النظر الشرعي، أي الذي أمر به الشرع وليس النظر الاصطلاحي الذي اصطلح عليه المتكلمون ٢.

فالنظر القرآني نظر عقلي يخاطب العقول السليمة المنتجة، وهو نظر شرعي لأن الشرع أرشد إليه وأمر به ٣.

ومحل هذا النظر الشرعي هو الكون وما فيه من مخلوقات متنوعة برية ومائية وسماوية وأرضية، ليلية ونهارية، مما لا ينقضي العجب من تنوعها وتعددها، ولكل خلق منها نظام وقوانين وأعراف: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} ٤.

فهذا هو محل النظر والاعتبار وليس القضايا المنطقية الجافة. "نعم إن هذا الكون هو كتاب الإبداع الإلهي المفصح عن وجود الله وكماله وجلاله وجماله، وإلى هذا الكتاب الإشارة بقوله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً} ٥ وبقوله: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ


١ المصدر نفسه (٢/ ٦٤)
٢ انظر: ابن تيمية: النبوات (ص:٧٠)
٣ المصدر نفسه (من ص: ٧٠ـ ٧٣)
٤ سورة الأنعام: الآية (٣٨)
٥ سورة الكهف: الآية (١٠٩)

<<  <   >  >>