للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بديهي، ولذلك لم يقل به أحد، فلا بد إذاً من أن يكون صادراً عن وجود آخر غيره وهو اله واجب الوجود" ١.

وإذا كانت البعرة تدل على البعير، والأثر على المسير، أفلا يدل هذا الملكوت العظيم على أن "مصدره واحد وتدبيره راجع إلى علم عليم واحد وحكمة حكيم واحد، سبحانه وتعالى، {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ} ٢ ٣.

وتكرر الأمر بالنظر أيضاً، مع توجيهه إلى آيات الكون، في سورة أخرى، هي سورة يونس، قال تعالى: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ... } ٤ والمعنى، كما يشرحه رشيد رضا: "..انظروا بعيون أبصاركم وبصائركم ماذا في السماوات والأرض من آيات الله البينات والنظام الدقيق العجيب في شمسها وقمرها وكواكبها ونجومها وبروجها ومنازلها وليلها ونهارها وسحابها ومطرها وهوائها ومائها وبحارها وأنهارها وأشجارها وثمارها.. ففي كل من هذه الأشياء التي تبصرون آيات كثيرة تدل على خالقها وقدرته ومشيئته وحكمته، ووحدة نظامه في جملتها وكل نوع منها هو الآية الكبرى على وحدانيته في ربوبيته وألوهيته.." ٥.

هذه آيات الله فيما حولنا، من أجزاء الكون وظواهره، وأما أنفسنا التي بين جنوبنا، فلها شأن آخر، فيقول السيد رشيد بعد كلامه السابق مباشرة: ".. ثم انظرو ماذا في أنفسكم منها، كما قال تعالى: {وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} ٦ ٧ وقد تعرض آفات للناظر في هذه الآيات، الآفاقية والنفسية، فتحول بينه وبين النتيجة المطلوبة من هذا


١ تفسير المنار (٩/ ٤٥٧)
٢ سورة الطور، الآيتان (٣٥ و٣٦)
٣ تفسير المنار (٩/٤٥٧)
٤ سورة يونس، الآية (١٠١)
٥ تفسير المنار (١١/ ٤٨٦)
٦ سورة الذاريات، الآية (٢٠)
٧ تفسير المنار (١١/ ٤٨٦)

<<  <   >  >>