للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشفاعة من تقرير إيمان المشفوع لهم بمثاقيل الذر وأدنى أدنى أدنى من ذلك ١.

ولقد اعتمد الشيخ رشيد ـ رحمه الله ـ هذا الدليل وأقره، فقال عند تفسيره لقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ} ٢. "..ولو نظروا في توقع قرب أجلهم لاحتاطوا لأنفسهم ورأوا أن من العقل والروية أن يقبلوا إنذاره صلى الله عليه وسلم لهم لأن خبريته لهم في الدنيا ظاهرة لم يكونوا ينكرونها، وأما خيريته في الآخرة فهي أعظم إذا صدق ما يقرره من أمر البعث والجزاء وهو صدق وحق وإن صح إنكارهم له وما هو بصحيح فلا ضرر عليهم من الاحتياط له، كما قال الشاعر:

قال المنجم والطبيب كلاهما ... لا تبعث الأجساد قلت إليكما

إن صح قولكما فلست بخاسر

... أو صح قولي فالخسار عليكما

فالمجنون إذاً من يترك ما فيه سعادة الدنيا باعترافه وسعادة الآخرة ولو على احتمال ضرر تخلفه، لا من يدعو إلى السعادتين أو إلى شيئين يجزمون بأن أحدهما نافع قطعاً والآخر إما نافع وإما غير ضار.

هذا ما دعاهم إليه صاحبهم بكتاب ربهم مؤيداً بالبراهين العقلية العلمية، لعلهم يعقلون ويعلمون.. {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} ٣.

ومثل هذه الآية التي فسرها الشيخ رشيد على هذا الوجه: قوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} ٤.


١ المصدر نفسه.
٢ سورة الأعراف، الآية (١٨٥)
٣ تفسير المنار (٩/ ٤٥٧ ـ ٤٥٨)
٤ سورة البقرة، الآية (٢٨)

<<  <   >  >>