للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا تخويف بالموت الضروري والمعاد إليه النظري ١ فالعاقل إذا تأمل هذا رجح كفة الإيمان ولولم يكن لديه إلا هذا البرهان، كيف وقد قامت قبل ذلك براهين لا تدفع وحجج لا تمنع.

وفي نهاية كتاب الوحي المحمدي، وقد أورد فيه الشيخ رشيد كل ما استطاع من حجة، على ثبوت نبوة نبينا، صلى الله عليه وسلم، ودعا العالم أجمع إلى الإيمان به، ختمه بهذه الآية:

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ. سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ، أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ} ٢ ٣.

وهذا ذهاب منه إلى أن هذا الدليل هو الأخير بعد كل ما أورد من الأدلة وتقرير له. فهذا الدليل قد قامت عليه شواهد من العقل والشرع واعتبره الكتاب العزيز، وذهب إليه وقرره بعض أهل العلم وإن رفضه المتكلمون، فإننا نقبله ونعتبره دليلاً صحيحاً معتبراً في معرفة الله تعالى والإيمان به.

وقد تبين من خلال عرض آراء الشيخ رشيد في المعرفة أنه قد خالف المتكلمين في إيجابهم المعرفة النظرية الجدلية، وأنه أقر النظر الشرعي البسيط المستطاع للكافة وهو النظر القرآني.

وأنه خالفهم في عدم وجوب النظر العقلي المجرد، وخالفهم في إقراره للمعرفة الفطرية التي لا يقرها المتكلمون ٤، وفي تعدد طرق المعرفة، مخالفة للمتكلمين الذين يوجبون طريقاً واحداً لمعرفة الله تعالى،


١ ابن الوزير: إيثار الحق (ص: ١٩)
٢ سورة فصلت، الآيات (٥٢ ـ ٥٤)
٣ الوحي المحمدي (ص: ٣٥٦)
٤ راجع عن موقف السلف والمتكلمين من هذه المسألة: "فطرية المعرفة وموقف المتكلمين منها" د. أحمد سعد حمدان.

<<  <   >  >>