للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويضع الشيخ رشيد هذه المسألة في وضعها الصحيح فيقول: "إن هذه الكائنات في جملتها حادثة لم يكن شيء منها كما نعرفه الآن وفيها من الإبداع والنظام ما يستحيل أن يكون حصل بالمصادفة أو يكون مصدره العدم المحض، بل يجب عقلاً أن يكون هذا الإبداع والنظام العجيب في العوالم العلوية والأرضية مصدر وجودي.." ١.

"فللناظر أن يقول: إن اطراد مسألة السنن الإلهية في العوالم العلوية والسفلية، ووحدة النظام مع الإتقان في جميع هذه الأكوان، يدلان على أن لها خالقاً عليماً قادراً حكيماً حياً قيوماً، لا راد لإرادته ولا معقب لحكمه وحكمته، وبهذا يكون مؤمناً بالبرهان متبعاً لطريقة القرآن وإن لم يخطر بباله حدوث الذات وحدوث الزمان" ٢. وهذا هو الصواب فالقائل بهذه الطريقة مؤمن بالعقل وبالشرع، لأنها على هذا الوضع تكون طريقة عقلية شرعية، "فإن الفاضل إذا تأمل غاية ما يذكره المتكلمون والفلاسفة من الطرق العقلية وجد الصواب منها يعود إلى بعض ما ذكر في القرآن من الطرق العقلية.." ٣.

والذي حدا بالشيخ رشيد إلى اعتبار هذه الطريقة على هذا النحو هو أنه وجدها "..أقرب الدلائل تنبيهاً وإقناعاً لعقول المشتغلين بالعلوم العصرية كما ثبت بالتجربة والمناظرات معهم هو أن جميع ما نعرفه من الموجودات حادث عندهم حتى أنهم ليقدرون للأرض والشمس والكواكب أعماراً لقطعهم بحدوثها، ثم إنهم قاطعون بأن الموجود لا يصدر عن نفسه ولا عن معدوم كما قال تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} ٤.

فتعين أن يكون لهذه الموجودات كلها مصدر وجودي.." ٥.


١ مجلة المنار (١٣/ ٩١٣)
٢ المصدر نفسه (٥/ ٥٨٢)
٣ ابن تيمية: الأصفهانية (ص: ٣٣)
٤ سورة الطور، الآية (٣٥)
٥ مجلة المنار (٧/ ١٣٩ ـ ١٤٠)

<<  <   >  >>