للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

موقف الفلاسفة من حدوث العالم:

وأما الفلاسفة فالمشهور عنهم القول بقدم العالم، والحق أنهم مختلفون في ذلك فليسوا جميعاً على قول واحد.

فالقدماء منهم قائلون بحدوث صورة العالم، ولهم في المادة كلام فيه اضطراب ١.

وأول من قال بقدم العالم من الفلاسفة هو أرسطو، وأما أساطين الفلاسفة قبله فلم يكونوا يقولون بقدم صورة العالم، وإن كان لهم في مادته أقوال. فجمهور الفلاسفة مع عامة المشركين من الهند والعرب وغيرهم والكتابيين، متفقون على أن السماوات والأرض وما بينهما محدث مخلوق بعد أن لم يكن.

فهو مذهب جماهير الفلاسفة، لكن حكي عن بعضهم أن تلك المادة ـ أي التي خلق منها العالم ـ قديمة أزلية. وهذا رأي باطل أيضاً ٢.

ويحكى القول بحدوث العالم عن أفلاطون، وأما ابن سينا فقد تبع أرسطو في ذلك ٣.

والحق أن الفلاسفة اتفقوا في أمرين واختلفوا في الثالث:

فالأمر الأول الذي اتفقوا عليه هو:

١ـ حدوث العالم بأسره بمعنى حدوثه الذاتي واستناده إلى العلة الفاعلة. فهذا مجمع عليه عندهم.

٢ـ والأمر الثاني: هو اتفاقهم على عدم الحدوث الزماني، بمعنى أن يكون لوجوده ـ أي العالم ـ بدء زماني مسبوق بزمن سابق وعدم مستمر، فهذا مما لا خلاف بينهم في عدم جوازه.


١ انظر: ابن تيمية: درء التعارض (٨/ ٢٨٦)
٢ المصدر نفسه (١/١٢٢ ـ ١٢٣)
٣ انظر: محمد رمضان عبد الله: الباقلاني وآراؤه الكلامية (ص: ٣٥٧) ط. الأولى، مطبعة الأمة، بغداد ١٩٨٦م.

<<  <   >  >>