للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التوفيق بين نظرية النشوء والارتقاء وبين ما جاء في الكتب المنزلة عن بدء خلق الإنسان، إلا أن رجلاً واحداً ألف كتاباً ليقول:

"إن مذهب دارون ـ عند ثبوته ـ لا يتعارض مع أحكام القرآن ولا مع الإيمان بوجود الله الخالق" ١، هذا الرجل هو حسين الجسر الشيخ الأول لرشيد رضا ٢. في "الرسالة الحميدية" ٣، وقال: إن الله تعالى هو الخالق بقدرته وعلمه "سواء أكان هو الذي نوّع تنوعات المادة وطوّرها، أو أنه أوجد المادة الصالحة لتلك التنوعات والتطورات بموجب النواميس التي وضعها فيها، وبحركة أجزائها.. فكلا الأمرين يدل دلالة قاطعة على كمال قدرته.. " ٤.

إن الجسر كان يري أن مذهب النشوء والارتقاء وما جاء فيه عن أصل نوع الإنسان والحياة، لا ينطوي على أمور بعيدة عن الحقيقة، أو متعارضة مع أحكام الدين تعارضاً قطعياً ٥. وبناء على قانون التأويل الشهير، ومسألة تعارض العقل والنقل، يرى الجسر أن الذي ورد في الشريعة من النصوص المتواترة القطعية بشأن خلق الأكوان وتنوع الأنواع، إنما هي نصوص لم يبين فيها تفاصيل الخلق، ولم يرد في النصوص ما يدل على نفي أو إثبات الخلق الدُّفعي، أو التطوري، فيجب التوقف مطلقاً ٦، لأن النصوص في ذلك ليست نصاً في هذا أو ذاك، فهذه النصوص يحتمل أن تفسر على مذهب الخلق أو مذهب النشوء ٧، وحاول الجسر بيان تطبيق هذه النظرية على الآيات التي تشير إلى هذا المعنى ٨.


١ انظر: نديم الجسر: قصة الإيمان (ص: ١٩٤)
٢ انظر: المصدر نفسه والصفحة، وألف الجسر كتابه سنة ١٨٨٨هـ
٣ انظر: حسين الجسر: الرسالة الحميدية (ص:٢٢٠) ط. إدارة الطباعة المنيرية، ١٣٥٢هـ.
٤ نديم الجسر: قصة الإيمان (ص: ٢٠٨)
٥ المصدر نفسه
٦ المصدر نفسه (ص: ٢٠٤)
٧ المصدر نفسه (ص: ٢١٣، ٢١٥)
٨ المصدر نفسه (ص٢١٣)

<<  <   >  >>