للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونستطيع ومن خلال هذا النص أن نتتبع تقرير رشيد رضا للقاعدة الثانية التي اعتمد عليها أهل السنة في إثبات الصفات، وهي أن "القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر" ١.

ولقد صرح رشيد رضا بنقل هذه القاعدة عن السفاريني في لوائح الأنوار، وسيأتي. كما أنه نقل القاعدة الأخرى، صنو هذه، وهي أن القول في الصفات كالقول في الذات، من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في "شرح حديث النزول" ٢. وهاتان القاعدتان هامتان في تقرير مذهب السلف في الصفات.

ولا يقتضي إثبات الصفات لله تعالى تشبيهاً له بالمخلوق، إذ أن الاشتراك في الأسماء لا يقتضي الاشتراك في الحقائق، وهذا ما يقرره الشيخ رشيد إذ يقول: " ... وأن هذا وغيره مما وصف به نفسه في كتابه لا ينافي كمال تنزيهه تعالى عما لا يليق به من نقائص عباده، ولا تقتضي مماثلته لهم فيما وهبهم من كمال، فإن الاشتراك في الأسماء لا يقتضي الاشتراك في المسميات، وأسماء الأجناس المقولة بالتشكيك في الممكنات تختلف من وجوه كثيرة، منها النقص والكمال، فكيف بها إذا كانت مشتركة بين الخالق والمخلوقات، فذاته تعالى أكمل من ذواتهم، ووجوده تعالى أعلى من وجودهم، وصفاته تعالى أسمى من صفاتهم، وهو ورسوله أعلم منهم بصفاته وأفعاله ... " ٣.

ويقودنا هذا إلى البحث عن شبهة المعطلة التي عطلوا صفات الله تعالى بسببها، والحق أن هذه الشبهة عامة في كل أهل البدع، وهي واحدة، عند الذين أنكروا الأسماء والصفات جميعاً، وعند من أثبت الأسماء دون الصفات، وعند من أثبت بعض الصفات دون بعض، ألا وهي: نفي


١ انظر: ابن تيمية: التدمرية (ضمن مجموع الفتاوى) : (٣/ ١٧)
٢ انظر: مجلة المنار (٣٤/ ٢٨١)
٣ الوحي المحمدي (ص: ٤٦ ـ ٤٧)

<<  <   >  >>