للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في كل مسألة من مسائل الدين مخالف لحكم العقل الصحيح، وإنما المعقول أن يطلب العاقل الدليل على أصل الدين فمتى ثبت عنده وجب عليه أن يتبع كل ما علم أنه منه ... " ١.

ويبين الشيخ رشيد خطراً من مخاطر التأويل، وهو تعلق أصحاب كل مذهب مبتدع به ليستدل على بدعته بتأويله النصوص وما جاز التأويل لقوم إلا وقد جاز للجميع، فليس تأويل فريق منهم بأولى من تأويل الآخر، يقول الشيخ: "وليعلموا أنه لا يوجد كلام قط لا يمكن حمله على غير المراد منه حملاً يقبله الكثير من الناس المشتغلين بالعلم، وليطالعوا كتاب "حجج القرآن" ٢ ويتأملوا كيف استدل جميع أصحاب المذاهب المبتدعة في الإسلام بآياته التي هي في منتهى البلاغة في البيان على تلك المذاهب المتناقضة {يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً} ٣ ...

وموقف أهل السنة من قانون التأويل الذي يجعل العقل هو الأصل، ليس عداءً للعقل، بل هو الموقف الذي يقره العقل ويقضي به.

فأهل السنة لا ينكرون النظر العقلي، فإن القرآن قد هدى الناس إلى الدلائل العقلية واستدل بالمعقول. وكما يقول الشيخ رشيد، مبيناً موقف أهل السنة من العقل: " وإنما أنكر بعض العقلاء وأهل البصيرة على أمثاله ٥ من المتكلمين جعل العقائد الدينية، والصفات الإلهية، وأخبار عالم الغيب محلاً لنظريات فلسفية، وموقوفاً إثباتها على اصطلاحات جدلية ما أنزل الله بها من سلطان، ولم يستفد أصحابها منها غير تفريق الدين، واختلاف المسلمين، والبعد عن حق اليقين، ويرى هؤلاء أن كون القرآن من عند الله قد ثبت


١ مجلة المنار (٣٤/ ٧٥٨ ـ ٧٥٩)
٢ قد سبق التعريف بهذا الكتاب. انظر (ص: ٩٩) من هذا البحث.
٣ سورة البقرة، الآية (٢٦)
٤ مجلة المنار (١٣/ ٤٢١) وانظر أيضاً: تفسير المنار (٣/ ١٧٥) وقارن مع ابن القيم: الصواعق المنزلة (١/ ١٩٣) وما بعدها.
٥ يعني: الرازي، فقد اتهم أهل السنة بإنكار النظر العقلي وسماهم حشوية، انظر: مفاتح الغيب (١٤/١٩)

<<  <   >  >>