للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثبوتاً عقلياً من وجوه كثيرة فوجب اتباعه حتى يتلقى العقائد والأحكام منه مع اجتناب التأويل للصفات الإلهية والأمور الغيبية بالنظريات الكلامية كما كان عليه السلف الصالح.." ١.

وقانون التأويل، بعد أن يفترض افتراضاً مستحيلاً هو تعارض العلوم الضرورية، أعني العقل والنقل، فيقدم العقل، ملقياً النص الشرعي وراءه ظهرياً، ثم يعبث به، إما بالتأويل أو بالتفويض وهم ـ أي المتكلمين ـ لا يعرفون معنى التأويل ولا التفويض.

وفي هذا يقول الشيخ رشيد: "وقد غلط كثير من علماء الكلام والمفسرين في بيان مذهب السلف ومعاني التفويض والتأويل ... كما أخطأ من قالوا إن الدليل العقلي هو الأصل فيرد إليه الدليل السمعي ويجب تأويله لأجل موافقته مطلقاً، والحق كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية؛ أن كلاً من الدليلين إما قطعي وإما غير قطعي، فالقطعيان لا يمكن أن يتعارضا حتى نرجح أحدهما علىالآخر، وإذا تعارض ظني من كل منهما مع قطعي وجب ترجيح القطعي مطلقاً، وإذا تعارض ظني مع ظني من كل منهما رجحنا المنقول على المعقول لأن ما ندركه بغلبة الظن من كلام الله ورسوله أولى بالاتباع مما ندركه بغلبة الظن من نظرياتنا العقلية التي يكثر فيها الخطأ جداً ... " ٢.

وقد بين الشيخ رشيد ـ رحمه الله ـ هذا الغلط في معنى التأويل الذي اعتبره المتكلمون فقال: " إنما غلط المفسرون في تفسير التأويل في الآية لأنهم جعلوه بالمعنى الاصطلاحي، وإن تفسير كلمات القرآن بالمواضعات الاصطلاحية قد كان منشأ غلط يصعب حصره. ذكر التأويل في سبع سور من القرآن ... "٣. ثم أورد الشيخ المواضع التي ذكر فيها التأويل وفسرها جميعاً ثم خلص إلى أن معنى التأويل في دلالة القرآن مخالف لما حمله


١ تفسير المنار (٨/ ٣٠٩ ـ ٣١٠)
٢ تفسير المنار (١/ ٢٥٣)
٣ المصدر نفسه (٣/ ١٧٢)

<<  <   >  >>