للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه المتكلمون، فقال: "فتبين من هذه الآيات أن لفظ التأويل لم يرد في القرآن إلا بمعنى الأمر العملي الذي يقع في المآل تصديقاً لخبر أو رؤيا أو لعمل غامض يقصد به شيء في المستقبل فيجب أن تفسر آية آل عمران ١ بذلك، ولا يجوز أن يحمل التأويل فيها على المعنى الذي اصطلح عليه قدماء المفسرين، وهو جعله بمعنى التفسير كما يقول ابن جرير: القول في تأويل هذه الآية كذا، ولا على ما اصطلح متأخروهم من جعل التأويل عبارة عن نقل الكلام عن وضعه إلى ما يحتاج في إثباته إلى دليل لولاه ما ترك ظاهر اللفظ، ومثله قول أهل الأصول: التأويل صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل ... " ٢.

والمعنى الذي ذهب إليه المتكلمون وغيرهم وحملوا عليه لفظ التأويل ليس فقط مخالفاً لدلالة اللفظ في القرآن، بل مخالف لدلالته اللغوية مطلقاً، وهي قريبة جداً من دلالة اللفظ في القرآن.

فالتأويل في اللغة تفسير ما يؤول إليه الشيء ٣، وهو من الأوْل: أي الرجوع إلى الأصل، ومنه: الموئل للموضع الذي يرجع إليه ٤.

قال الأعشى:

على أنها تأوّلُ حب


ها ... تأوّلَ رِبْعيّ السِّقابِ فأُصْحَبَا
فقوله تأول حبها: تفسيره ومرجعه، أي أنه كان صغيراً في قلبه فلم يزل ينبت حتى أصحب فصار قديماً ٥.

<<  <   >  >>