للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لقد اختلفت الآراء حول رشيد رضا، فيعده بعضهم خليفة الأستاذ الإمام ١ والمصلح السلفي ٢، ويعده آخرون فيلسوفاً متضلعاً من الثقافة الغربية ٣.

ولقد اتهم الشيخ رشيد رضا بالعقلانية؛ وأعني بها تقديم العقل على الشرع، كما اتهم بإنكار السنة والدعوة إلى الاقتصار على القرآن، واتهم بإنكار حقائق من الشرع كالملائكة، والجن، والشياطين، وأبوة آدم، ونبوته، والسحر، وأشراط الساعة، والتوفيق بين نظرية دارون والقرآن، إلى غير ذلك، فما هي الحقيقة؟.

كل ذلك دفعني دفعاً إلى بحث رشيد رضا. ومما يجعلني جديراً ببحث رشيد رضا أن بيني وبينه سنداً عالياً، إذ أنه شيخ شيخي، فقد لازمت فضيلة الشيخ محمد علي عبد الرحيم الرئيس السابق لجمعية أنصار السنة، حتى وفاته ـ رحمه الله ـ وهو أحد المعاصرين لرشيد رضا والمتأثرين به، فهو قرين حامد الفقي وطبقته.

والشيخ رشيد رضا شخصية غنية وقوية، وكان لديه قدرة كبيرة على الكتابة وهو مشارك في كثير من العلوم على طريقة المتقدمين، لذا فإنني كتبت في جميع العلوم تقريباً من الفقه والحديث والتفسير والكلام. إلا أن الطابع الغالب عليه هو طابع المتكلمين، ولا جرم في ذلك إذ كانت البيئة العلمية يومئذ هي بيئة كلامية، لذا فإن هذا البحث يظهر فيه بوضوح هذا الطابع إذ أنه سيناقش القضايا الأساسية في جميع أبواب العقيدة تقريباً، فسنرى فيه "نظرية المعرفة" بين السلف والمتكلمين، ومن مسألة "حدوث العالم" وما اعتراها من أفهام ثم حلها حلاً صحيحاً يوافق ما جاء به القرآن. كما أننا سنرى فيه تصحيح الخطأ في مسمى الإله ومعنى العبادة، إلى فناء النار، وغير ذلك من المباحث التي أثارها المتكلمون وناقشها


١ انظر: محمد رجب البيومي: النهضة الإصلاحية (١/٢٣٥)
٢ انظر: محمد عبد الله السلمان: الشيخ رشيد رضا المصلح السلفي.
٣ انظر: حمود التويجري: الرد القويم (ص: ٢٥٦)

<<  <   >  >>