رشيد رضا ولكن سيكون الميزان الذي نزن به هذه المسائل كلها هو الميزان السلفي الذي يطرح الأفكار الفلسفية والكلامية، ويعتمد رأساً على الكتاب والسنة وفهم سلف هذه الأمة قبل ظهور علم الكلام والفلسفة فيها.
وسأحاول في هذا البحث بيان المؤثرات المتعددة التي أثرت في رشيد رضا ومصادر الآراء والمواقف التي اتخذها في كل مسألة، كما سأحاول أن أبين للقراء الأثر الذي تركه رشيد رضا في من بعده. وفي كل ذلك سأعتمد منهج المقارنة لأنه يقوم في البحوث النظرية مقام التجربة في البحوث التجريبية ١.
وعلى الرغم من صعوبة هذا البحث، فإنه كان مفيداً للغاية، والدليل على ذلك هو العناوين التي تضمنها والمراجع التي رجعت إليها. لقد كان هذا الموضوع مما ينوء بالعدد من الطلاب ولكن كانت الفائدة على قدر المشقة.
والذي حدا بي إلى اختيار موضوع من هذا النوع هو إشارة أستاذي عبد الرزاق العباد، لقد عملت طيلة ثلاث سنوات متواصلة دون انقطاع ولا حصلت خلالها على إجازة واحدة إلا يسيراً؛ أياماً معدودات، وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً.
لقد كنت أنوي في البداية أن أقوم بكل عمل ممكن حول رشيد رضا والاستفادة منه في كافة العلوم الشرعية والعربية وغيرها، إلا أنني بعد وقت قصير أدركت بعد الشقة، وخشيت أن أكون كمن بالغ في الوضوء وابتدع حتى خرج وقت الصلاة وضاق عليه ما اتسع، فقصرت الأمر على مباحث العقيدة ومن ذلك الوقت ما خيرت بين طريقين إلا اخترت أخصرهما ما لم يكن عيباً في البحث.
١ انظر: أكرم العمري: تعليقة في منهج البحث (ص: ٣٨) ط. مكتبة الدار بالمدينة، الثانية ١٤١٢هـ.