للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأن المعتزلة يجعلونها صفة غير زائدة عن الذات فهو حي بحياة، وحياته ذاته، أو عالم لذاته، قادر لذاته ... ١.

وأما الشيخ رشيد رحمه الله فأثبت لله تعالى صفة الحياة صفة ذاتية، وجعلها من أصول الصفات التي يرجع إليها غيرها، ولو بطريق اللزوم، فيقول: "فالحي ذو الحياة، وهي بأعم معانيها: الصفة الوجودية التي هي الأصل في معقولنا لجميع صفات الكمال في الوجود من صفات ذات أو صفات أفعال كالعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام ... وكمال الحياة يستلزم الاتصاف بهذه الصفات وبغيرها من صفات الكمال ... " ٢.

ويستدل الشيخ رشيد رحمه الله على صفة الحياة لله تعالى بالكتاب العزيز، فيقول عن قوله تعالى: {ألم. اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} ٣ أنها: "تثبت له مع الوحدانية الحياة التي تشعر بكمال الوجود وكمال الإيجاد بإفاضة الحياة على الأحياء ... " ٤.

ويستدل عليها الشيخ رشيد أيضاً من العقل، من وجهين: "أحدهما: أنه تعالى عليم مريد، قدير: وهذه الصفات لا تعقل إلا للحي، وفيه انه من قياس الغائب على الشاهد كما يقولون، أو من قياس الواجب على الممكن.

وثانيهما أن الحياة كمال وجودي، وكل كمال لا يستلزم نقصاً يستحيل على الواجب فهو واجب له ... " ٥ ويقول عن صفة الحياة: "فهي كمال وجودي ويمكن أن يتصف به الواجب ٦ وكل كمال وجودي يمكن أن يتصف به وجب أن يثبت له ... ولو لم يتصف بهذه الصفة لكان في


١ انظر: القاضي عبد الجبار: شرح الأصول الخمسة (ص: ١٨٢)
٢ تفسير المنار (١/ ٧٣)
٣ سورة آل عمران، الآية (١ـ٢)
٤ تفسير المنار (٣/ ٢٨ ـ ٢٩)
٥ تفسير المنار (٣/ ٢٤)
٦ الواجب ليس من أسماء الله تعالى، وإنما يطلق عليه تعالى من باب الخبر، فلا يسمى الواجب ولا يدعى به فيقال: "يا واجب". وانظر (ص:٣٢٠) من هذا المبحث.

<<  <   >  >>