للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المحدثين" وذكره لتأويل المتكلمين لها بالذات. مما يدل على فهم رشيد رضا للمذهبين، ولا أشك في أنه يرجح مذهب السلف وإن لم يصرح به، نظراً لما اختاره الأستاذ الإمام. ومهما يكن من شيء فلو لم يكن لله وجه على الحقيقة لما جاء استعمال هذا اللفظ في معنى الذات؛ فإن اللفظ الموضوع لمعنى لا يمكن أن يستعمل في معنى آخر إلا إذا كان المعنى الأصلي ثابتاً للموصوف، حتى يمكن للذهن أن ينتقل من الملزوم إلى لازمه ١. ويؤيد رأيي في ترجيح رشيد رضا لمذهب السلف، موقفه الذي يعلنه دائماً من اختياره لمذهب السلف وحياته عليه وموته عليه، لولا ما يجعله يشير إلى غيره أحياناً لعوارض ومناسبات أخرى ٢.

النص الثاني الذي يلي هذا في الوضوح ـ حسب ما يظهر لي ـ تفسيره لقوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} ٣ فقد قال: " ... وقد ورد في الأحاديث الكثيرة من الطرق العديدة أن هذه الزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم، وهو أعلى مراتب الكمال الروحاني الذي لا يصل إليه المتقون المحسنون العارفون إلا في الآخرة ... " ٤. ولا يخفى أن هذا التفسير كان في أثناء سورة يونس، أي بعد وفاة "الأستاذ الإمام" بزمن بعيد ٥.

وفسر رشيد رضا حديث "حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه" ٦ فقال: "..ومعنى الجملة: أنه تعالى لو كشف عن وجهه حجاب النور المخلوق ... لأحرقت سبحاته ما انتهى إليه بصره منهم ... " ٧.


١ انظر: محمد خليل هراس: شرح الواسطية (ص: ١١٤) .
٢ انظر: (ص: ٣٥٤) من هذا البحث.
٣ سورة يونس، الآية (٢٦)
٤ تفسير المنار (١١/ ٣٥٠)
٥ وانظر: (ص:٥٨) من هذا البحث.
٦ سبق تخريجه قريباً
٧ تفسير المنار (٩/ ١٤١)

<<  <   >  >>