للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنص الثالث؛ فعند قوله تعالى: {يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ} ١ قال: " ... أي يدعون ربهم بالغداة والعشي مريدين بهذا الدعاء وجهه سبحانه وتعالى ... كما قال تعالى حكاية عن المطعمين الطعام على حبه: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً} ٢، وكما قال في حق الأتقى الذي ينفق ماله ليتزكى به عند الله تعالى ويكون مقبولاً مرضياً لديه: {وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى} ٣ ولعل أصل ابتغاء الوجه بالعمل هو أن يعمل ليواجه به من عمل لأجله فيعتني بإتقانه ... وأعلى الثواب رضوان الله تعالى، وكمال العرفان والعلم به المعبر عنه في الأحاديث الشريفة برؤية وجهه الكريم، بلا كيف ولا تشبيه ولا تمثيل ... " ٤.

وأما قوله تعالى: {فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} ٥ فيرى رشيد رضا تبعاً لشيخه، أنها ليست من آيات الصفات ٦. وهو رأي قد قال به بعض السلف ـ رحمهم الله ـ وقد ذكرت قبل قليل أن ذلك يعني أنهم مختلفون في دلالة هذه الآية على الصفة، ولا يعني نفي الصفة، فإنهم يثبتونها بآيات وأدلة أخرى.

والخلاصة أن رشيد رضا يثبت "وجه الله تعالى"" صفة لهمن غير تشبيه ولا تمثيل، ولا كيف، مع تنزيه الله تعالى عن مشابهة خلقه، وأن إثباته للصفة بعد وفاة شيخه كان أشد وأوضح. والله أعلى وأعلم.

ثانياً: العين الإلهية:

قال تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا} ٧ وقال: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} ٨،


١ سورة الأنعام، الآية (٥٢)
٢ سورة الإنسان، الآية (٩)
٣ سورة الليل، الآية (٢٠)
٤ تفسير المنار (٧/ ٤٣٧)
٥ سورة البقرة، الآية (١١٥)
٦ تفسير المنار (١/ ٤٣٤)
٧ سورة هود، الآية (٣٧)
٨ سورة القمر، الآية (١٤)

<<  <   >  >>