للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحوثهم الحديثة ورقيهم في العلوم والصناعات، وموقف الكنيسة من هذا التقدم ١، بدا لعقلائهم أن دينهم الذي اعتنقوه لا يتفق مع العقل والعلم، ثم طردوا هذه النتيجة على كل دين ٢. فكان هذا منشأ الإلحاد في أوروبة، الذي أتى إلينا معهم من خلال الاحتكاك المباشر في مصر لما أتوا مستعمرين. وفي أوروبة لما ذهبنا متعلمين.

لقد انتقلت عقلية الإلحاد الأوروبي إلى العقلية المصرية وفشت بين المتعلمين العصريين في المدارس الجديدة التي لم يكن فيها صبغة دينية ٣. لقد بدا أن "العلم الحديث " قد قضى على الأديان كلها ولم يستثن منها الإسلام ٤. وتسللت هذه الأفكار حتى وصلت إلى عقول بعض العلماء ٥ولقد كان دستور هذا العلم الحديث هو: "كل معقول لا يؤيده محسوس لا يلتفت إليه"٦. وبناء على ذلك طرحت فكرة الإيمان بالله وحده، وهي رأس الدين وأساسه الأول، وبدا أن هذه الفكرة قد سيطرت على عقول الكتاب والمفكرين حتى في الصحف والمجلات السيارة. وتبعاً لإنكار هذه الفكرة جاءت فكرة أخرى هي: إنكار كل ما يتصل بعالم الغيب ٧.

ولم يتوقف الأمر عند أصول الدين بل امتد أيضاً إلى فروعه الفقهية


١ انظر عن موقف الكنيسة هذا: موريس كروزيه: تاريخ الحضارات العام، ط. عويدات للنشر والتوزيع، بيروت (٤/ ٢٦٤) والشيخ محمد عبده: مجلة المنار (٥/٤٢) وما بعدها.
٢ انظر: مصطفى صبري: "موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين" (١/١٦٦، ٢١٦و٢/١٦ـ ١٨) ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت. ومحمد رشيد رضا: مجلة المنار (٢٧/٥٠٩ و٣٠/٥٠٩)
٣ انظر: مصطفى صبري: مرجع سابق (١/١٦٦) وانظر أيضاً: محمد رشيد رضا: مجلة المنار (١٤/٥٤٤ و ١/٢٦٠) ومحمد حسين: الإسلام والحضارة الغربية (١٢ ـ٢٠)
٤ انظر: مصطفى صبري: مرجع سابق (١/٢١٦)
٥ انظر: مصطفى صبري (١/٩٨و ٣٢ ـ ٣٣و ٦٦)
٦ المصدر نفسه (١/٢٤٤)
٧ المصدر نفسه (١/٣٢ـ ٣٣)

<<  <   >  >>