للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد أراد جماعة من المتعلمين على الطريقة الحديثة، والمفتونين بالحضارة الأوروبية والعلم الحديث، طرح الفروع الفقهية بدعوى عدم مناسبتها للحالة العصرية. وقد ظهر ذلك حول حجاب المرأة المسلمة في كتابين لقاسم أمين، هما: "تحرير المرأة" و"المرأة الجديدة" ١. وامتد أيضاً ليشمل جميع كتب الفقه الإسلامي ٢.

فتبين من هنا أن الفتنة المثارة ضد الدين، الواصلة إلى حد إنكار وجود الله تعالى، لعدم كونه ـ بحسب دستور العلم الحديث ـ في متناول التجربة الحسية، أو لكونه لا يزال محلاً للشك في وجوده على الأقل. وإنكار معجزات الأنبياء المستلزم لإنكار النبوة، لكونها أيضاً من الخوارق التي لا يقدر على تجربتها في هذا الزمان، والتشكيك في أخبار الأنبياء عن الغيب والمستقبل، بل وإخبارهم عما سبق أيضاً من أخبار الأمم السابقة ـ قد طمت وعمت ووصلت إلى علماء الأزهر الجدد من تلامذة "الأستاذ الإمام" والكتاب العصريين الذين كانوا أيضاً من تلامذة "الأستاذ الإمام" وقد قويت هذه الفتنة وشد أزرها العلم الحديث، وتهيبها علماء الأزهر الباقون على عقيدة الإسلام وسكتوا عنها ٣.

ومن ناحية أخرى، ومع وصول الأوروبيين وسيطرتهم على مقاليد الأمور في مصر، شعر النصارى بقوة لم تكن قد دبت في جسدهم المنهوك من قبل، وقد شد أزرهم المستعمر الأوروبي الذي يدين بدينهم ـ ولو بحسب الدعوى الظاهرة ـ مع هزيمة دولة المسلمين ووصولها إلى أقصى دركات ضعفها. فدفعهم ذلك إلى التقوي بهذا الأوروبي القوي على المسلم


١ نشر قاسم أمين أولاً:"تحرير المرأة " وبعده بعام نشر "المرأة الجديدة" وقاسم أمين أحد تلامذة محمد عبده، لذلك فقد قرظ الشيخ رشيد كتابه وأثنى عليه: انظر: مجلة المنار (٣/٨٥٠ و ٢/٢٤٨) وانظر: مصطفى صبري: مرجع سابق (١/٣٥ـ ٣٦)
٢ انظر: مصطفى صبري: مرجع سابق (١/٣٢) ومحمد حسين: الإسلام والحضارة الغربية (ص:٥١)
٣ انظر: مصطفى صبري: مرجع سابق (١/٣٤٣)

<<  <   >  >>