للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويبين الشيخ الفرق بين حب المؤمنين لله تعالى وحب المشركين لأندادهم، فحب المؤمنين ثابت كامل لأنه متعلقة هو الكمال المطلق، وأما حب المشركين فموزع مزعزع لا ثبات ولا استقرار.

،أيضا فإن المؤمن الموحد محبوبا واحدا فقلبه مجتمع عليه، وشمله مؤتلف على هذا المحبوب المتصف بصفات الكمال والجلال، وأما المشرك – فيقول الشيخ رشيد عنه: "وللمشرك أنداد متعددون وأرباب متفرقون إذا حزبه أمر أو نزل به ضر لجأ إلى بشر أو صخر، أو توسل بحيوان أو قبر، أو استشفع بزيد أو عمرو، ولا يدري أيهم يسمع ويسمع ويشفع فيشفع، فهو دائما مبلل البال، لا يستقر من القلق على حال ... "١.

ويشهد لهذا الكلام قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} ٢. أي مثل المشرك حسبما يقود إليه مذهبه من ادعاء لمعبوديه عبوديته عبدا يتشارك فيه جماعة يتجاذبونه ويعاورونه في تحييره وتوزع قلبه بينهم، أما الموحد فهو الخالص لمعبوده فقلبه مجتمع عليه"٣.

ومن أسباب المحبة التي يشير إليها الشيخ رشيد: الإحسان السابق، وأكبر نعمة وأعظم إحسان منّ الله به على الإنسان هي نعمة الدين، والوحي الهادي لأقوم طريق، يقول الشيخ رشيد: "فيجب أن يحب صاحب هذا الإحسان سبحانه وتعالى حبا لا يشرك به معه أحد ... "٤.

والمؤمنون يخصون الله تعالى بهذا الحب أيضا، بينما يشرك به المشركون أندادهم فيه، كما أشركوا به في الحب الذي سببه الإحسان


١ المصدر نفسه (٢/٦٩) .
٢ سورة الزمر، الآية (٢٩) .
٣ انظر: أبو مسعود: إرشاد العقل السليم (٧/٢٥٣) .
٤ تفسير المنار (٢/٧٠) .

<<  <   >  >>