للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأحسن ما عرفت به البدعة شرعا ما قاله ابن رجب الحنبلي رحمه الله حيث عرّف البدعة وبين المراد منها فقال: "المراد بالبدعة ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، وإن كان بدعة لغة"١.

فبناءا على تعريف ابن رجب لا تكون البدعة إلا مذمومة، ولا يكون منها شيء حسناً أو مستحباً، ويشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "وكل بدعة ضلالة" ٢. قال شيخ الإسلام: "هذا نص رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يحل لأحد أن يدفع دلالته على ذم البدع.."٣.

وقد ذهب الشيخ رشيد رحمه الله إلى هذا المعنى في تفسير البدعة، فلقد عرّف البدعة فقال: "البدعة في اللغة الفعلة المبتدعة المستحدثة، فإن كانت في الدين فهي شرع لم يأذن به الله، وافتراء على اللهو وهي ما لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وجماعة المسلمين في عهده من العبادات ... وأما غير الدينية المحضة فهذه منها حسن وهو النافع الذي لا مفسدة فيه، ومنها سيئ وهو الضار وما يترتب عليه فساد مثلاً، وكل منهما درجات فتعتريها الأحكام الخمسة ... ، وأما البدعة الدينية المحضة فهي لا تكون إلا قبيحة ضلالة، ودليل الكلية٤ ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول على المنبر: "أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وإن أفضل الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة"٥ ... " ٦.


١ جامع العلوم والحكم (ص:٢٥٢) .
٢ سيأتي تخريجه.
٣ اقتضاء الصراط المستقيم (٢/٥٨٣) .
٤ القضية الكلية في المنطق هي: القضية التي تستغرق موضوعها، لأن الحكم فيها واقع على جميع أفراد الموضوع في حالة الإيجاب، ومسلوب عن جميع الموضوع في حالة السلب. انظر: جميل صليبا: المعجم الفلسفي (٢/٢٣٩) .
٥ رواه مسلم: الصحيح، ك: الجمعة، ح: ٤٣ (٦٨٧) .
٦ مجلة المنار (٣٢/٢٧٣) وانظر أيضا (١٨/٣٠٥) .

<<  <   >  >>