للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يدخل في عموم التقوى في هذا المقام ... فالصيام رياضة بدنية نفسية وجمع بين حرمان النفس من لذاتها لقصد التربية وبين تمتعها بها توسلاً إلى شكر النعمة والقيام بالخدمة ... "١.

ويبين الشيخ رشيد وسطية هذا الدين في هذا الجانب فيقول: " ... إن هدى القرآن في الطيبات أي المستلذات هو ما تقتضيه الفطرة السليمة المعتدلة من التمتع بها مع الاعتدال والتزام الحلال ... "٢.

ومن حيث الدليل، فإنه لا يوجد دليل يحتج به هؤلاء المتصوفة على وجوب الجوع من السعة، إصلاحا للنفس وتهذيبا لها، ولذلك فإنهم عندما يأتي وقت الاستدلال يعدلون عن الاستدلال بالكتاب والسنة إلى ذكر وقائع وأحوال لا يحتج بمثلها في دين الله. يقول الشيخ رشيد: "أعوز هؤلاء النص على دعوى كون الغلو في التقشف من الدين، فتعلقوا ببعض وقائع الأحوال من سيرة فقراء السلف الصالح ... "٣. ثم ضرب مثلاً لذلك بما فعل أبو حامد في إحيائه، فإنه لم يجد آية يبدأ بها موضوع "فضيلة الجوع وذم الشبع" فبدأ بحديث أكثرها لا يعرف المحدثون لها أصلا قط، وبعضها ضعيف أو موضوع ... "٤.

إن التوسط هو ميزة الدين الكبرى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} ٥، ومن لم يصلح القرآن والسنة نفسه، فلا صلاح لها، ولا أصلحها الله، ولسنا –إذًا- بحاجة إلى اختراع دين مبتدع لتحقيق ما جاء القرآن لتحقيقه {هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} ٦.


١ المصدر نفسه (٧/٣٠) .
٢ المصدر نفسه والصفحة.
٣ المصدر نفسه (٧/٣١) .
٤ المصدر نفسه والصفحة، وانظر: الغزالي: إحياء علوم الدين (٣/٧٩) دار القلم، بيروت. الثالثة.
٥ سورة البقرة، الآية (١٤٣) .
٦ سورة البقرة، الآية (٢) : وانظر: عبد الرحمن الوكيل: المصدر السابق (ص:١٣٨) وقارن أيضا مع: محمد علي عبد الرحيم فقد بين الزهد الصوفي مع بيانه بطلان الثاني لنفس المعاني: الأخلاق المحمدية (ص:٧٢-٧٤) .

<<  <   >  >>