للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الثياب١. أما الزهد الصوفي فليس من شريعة الإسلام، بل فيه القضاء على الفرد وعلى الجماعة. وأصله مأخوذ من ديانات الوثنية الذين بنوا دينهم على تعذيب النفس لتهذيبها٢.

ولقد عارض الشيخ رشيد هذه الفلسفة الصوفية ووصفها بالغلو، واعتبر أن سيرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هي المثل الأعلى، وأن الصوفية وشيوخهم "لم يبلغوا مد أحدهم ولا نصيفه"٣، ووصف هذه الفلسفة الصوفية بأنها "فلسفة خيالية من خيالات وحدة الوجود البرهمية الهندية، قد شغل بها أفراد عن فطرة الله وشرعه معا ... وما إرادة وجه الله تعالى إلا الإخلاص له في كل عمل مشروع من مصالح الدين والدنيا وتحري هداية دينه فيه، لا ما تخيلوه من أن إرادة وجهه تعالى هو الوصول إلى ذاته بعد التجرد من كل نعمة في الدنيا والآخرة جميعا...."٤.

وأشار الشيخ رشيد إلى الزهد الصوفي، وإلى الأصل الذي أخذه الصوفية منه، فقال: "وأما ترك الطيبات البتة كما تترك المحرمات تمسكا وتعبدا لله تعالى بتعذيب النفس وحرمانها، فهو محل شبه فتن بها كثير من العباد والمتصوفة، فكان من بدعهم التركية، التي تضاهي بدعهم العملية، وقد اتبعوا فيها سنن من قبلهم شبرا بشبر وذراعا بذراع، كعبادة بني إسرائيل ورهبان النصارى، وهؤلاء أخذوها من بعض الوثنيين كالبراهمة الذين يحرمون جميع اللحوم ويزعمون أن النفس لا تزكو ولا تكمل إلا بحرمان الجسد من الذات، وقهر الإرادة بمشاق الرياضات ... "٥.

ويرى الشيخ رشيد أن هدي القرآن كاف في تزكية النفس الإنسانية وتربية الإرادة فيقول:" وحسبنا منه ما شرعه الله لنا من الصيام وهو مما


١ ابن القيم: مدارج السالكين (٢/١٠) .
٢ انظر: الوكيل: المرجع السابق (ص:١٣٨) وما بعدها.
٣ تفسير المنار (٢/٢٣٩) وأيضا (٧/٢٦) .
٤ المصدر نفسه (٢/٢٣٩) .
٥ المصدر نفسه (٧/١٩) .

<<  <   >  >>