للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأفعال العباد أشياء ممكنة والله قادر على كل ممكن ١، وقال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} ٢ وقال: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا} ٣ إلى آيات كثيرة تدل على هذا المعنى.

ثانياً: الجبرية:

وبينما وقفت الجبرية على هذا الطرف، ورجحت هذا الجانب، وقفت الجبرية على الطرف الآخر ورجحت الجانب الثاني. فقالوا: إن إرادة الله تعالى هي المتصرفة وحدها وهو الخالق لأفعال العباد، وهم لا إرادة لهم ولا اختيار بل هم مجبورون على أعمالهم، وإنما يخلق الله تعالى الأفعال فيهم على حسب ما يخلق في سائر الجمادات، وتنسب إليهم الأفعال مجازاً، كما يقال: أثمرت الشجرة، وجرى الماء، وتجرك الشجر، وإذا ثبت الجبر فالتكليف أيضاً جبر ٤.

ولا شك أن الجبرية أحق بالذم من المعتزلة وهم داخلون معهم في اسم "القدرية" وإن كان مذهب الجبر أشد فساداً وأسوأ لازماً، إذ أنه مبطل للشرائع، مسقط للأمر والنهي ٥.

ثالثاً: مذاهب التوسط:

ولقد آثرت هذه التسمية، لأن هذه المذاهب حاولت التوسط بين قول المعتزلة الذين ينسبون الفعل إلى إرادة الإنسان وخلقه، وبين الجبرية الذين ينفون إرادة الإنسان: ولدينا هنا مذهبان: الأول: مذهب الأشعرية، والثاني: مذهب الماتريدية.


١ ابن القيم: المصدر السابق والصفحة.
٢ سورة الأنعام، الآية (١١٢)
٣ سورة البقرة، الآية (٢٥٣)
٤ انظر: مذهب الجبري: الأشعري: المقالات (١/ ٣٣٨) ، والشهرستاني: الملل والنحل (١/ ٧٢) ، والبغدادي: الفرق بين الفرق (ص: ٢١١) ت: عبد الحميد، وابن القيم: شفاء العليل (ص: ٩١)
٥ انظر: ابن تيمية: مجموع الفتاوى (٨/ ١٠٣ ـ ١٠٥)

<<  <   >  >>