للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الشرق العربي، وطريق الوصول إلى الحجاز، ونظراً كذلك لعدم تجانس الولاية في انتماءات أهلها الدينية وولاءاتهم السياسية١. ونتيجة لما سبق فقد وقفت السلطة العثمانية من ولاية سوريا موقفاً خاصاً اتسم بالحساسية المفرطة تجاه ما يكتب أو ينشر في صحافتها أو فيما يتصل بعلاقات الأفراد والجماعات واتصالاتهم الخارجية، وتشددت في مراقبة ما يصدر فيها من مطبوعات. كما راقبت سلوك من تشتبه فيهم من أبنائها خشية إقامة علاقات مع جهات أجنبية. كل ذلك أشعر أبناءها دون سواهم من أبناء الولايات العربية الأخرى بوطأة المراقبة الحكومية لعلاقاتهم ومطبوعاتهم مما دفع بعضهم للتفكير بالهجرة ٢.

قال الشيخ رشيد: "عزمت على الهجرة إلى مصر لما فيها من حرية العمل واللسان والقلم، ومن مناهل العلم العذبة الموارد، ومن طرق النشر الكثيرة المصادر، وكان أعظم ما أرجوه من الاستفادة في مصر: الوقوف على ما استفاده الشيخ محمد عبده من الحكمة والخبرة وخطة الإصلاح التي استفادها من صحبة السيد جمال الدين، وأن أعمل معه وبإرشاده في هذا الجو الحُر ... " ٣.

وبعد أن حصل الشيخ على موافقة والديه سافر سراً إلى الإسكندرية ٤. فمما سبق نستطيع أن نتعرف على أسباب هجرة الشيخ رشيد إلى مصر. إنه عزم على القيام بمهمة إصلاحية متعاوناً مع الشيخ محمد عبده، وللاستفادة من ملازمة هذا الأخير لجمال الدين الأفغاني، فيقول: "لئن فاتني لقاء المعلم الأول، فلن يفوتني لقاء المعلم الثاني ... " ٥.


١ انظر: أحمد بركات: محمد رشيد رضا ودوره في الحياة الفكرية والسياسية (ص ٢٤ـ٢٧) دار عمار الأردن ـ ط الأولى ١٤٠٩هـ ١٩٨٩م.
٢ انظر: رشيد رضا: المنار والأزهر (ص ١٩١) فقد بين هناك سبب هجرته. وانظر أيضاً: أحمد بركات: مرجع سابق (ص ٢٦ـ٢٧) . وانظر: مجلة المنار (٢١/ ٣٧٧) .
٣ المنار والأزهر (ص ١٩١) .
٤ المرجع السابق (ص ١٩٢ـ١٩٣) ، وتاريخ الأستاذ الإمام (ص ١/٩٩٨) .
٥ مجلة المنار (٢١/٣٧٧) ، وتلاحظ استعمال الشيخ رشيد لمصطلحات الفلاسفة فإنهم يطلقون "المعلم الأول" على أرسطو. انظر: طاش كبرى زادة: مفتاح السعادة (١/ ٢٩٣ و٢٩٤)

<<  <   >  >>