للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمشيئة الله وإن كان ملحداً أو وثنياً، ومن بها خسر وإن كان صديقاً أو نبياً ... " ١.

وبتفصيل أكثر، وتمثيل، يشرح لنا الشيخ رشيد هذه المسألة، فيقول:

"إن للأسباب مسببات لا تعدوها بحكمة الله في نظام الخلق، وأن لله تعالى أفعالاً خاصة به، فطلب المسببات من أسبابها ليس من اتخاذ الأنداد في شيء ... مع اعتقادنا بأن الأسباب كلها من فضل الله علينا ورحمته بنا، إذ هو الذي جعلها طرقاً للمقاصد وهدانا إليها بما وهبنا من العقل والمشاعر.

لا يسمح الدين للناس بأن يتركوا الحرث والزرع ويدعوا الله تعالى أن يخرج لهم الحب من الأرض بغير عمل منهم أخذاً بظاهر قوله: {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} ٢ وإنما يهديهم إلى القيام بجميع الأعمال الممكنة لإنجاح الزراعة ... وأن يتكلوا على الله تعالى بعد ذلك فيما ليس بأيديهم ... " ٣.

وتتعلق مشيئة الله تعالى بالأسباب والسنن، وتنفذ على وفقها، فإذا أراد الله تعالى شيئاً خلق له أسباباً، بها يقع، وعلى وفقها يكون، وهذا على عكس ما يظنه كثير من الناس. يقول الشيخ رشيد في هذا: "إن من الناس من يظن أن معنى إسناد الشيء إلى مشيئة الله تعالى هو أن الله تعالى يفعل بلا سبب ولا جريان على سنة من سننه في نظام خلقه، وليس كذلك، فإن كل شيء بمشيئة الله تعالى {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} ٤ أي: بنظام وتقدير موافق للحكمة ليس فيه جزاف ولا خلل، فإيتاؤه الملك لمن يشاء بمقتضى سننه إنما يكون بجعله مستعداً للملك في نفسه، وبتوفيق الأسباب


١ المصدر نفسه (٤/ ١٤١)
٢ سورة الواقعة، الآية (٦٤)
٣ تفسير المنار (٢/ ٦٦)
٤ سورة الرعد، الآية (٨)

<<  <   >  >>