للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قيل: لقد برهن الشيخ محمد عبده في حاشيته على شرح الجلال الدواني للعقائد العضدية ـ على حدوث العالم ـ فيجب أن يكون كافياً لإزالة المخاوف، فأجيب: بأنه ليس كافياً، لأمور:

الأول: أن تقريره لحدوث العالم كان بعد ردّ لكثير من أدلة حدوثه ومناقشته للمتكلمين فيها، فكان تقريره لحدوث العالم ضعيفاً ١.

الثاني: أن طريقة الفلاسفة هي: مخاطبة "الجمهور" بما يوافق معتقداتهم، مع الإشارة إلى حقيقة ما يرونه، بالإشارة أحياناً، وصريح العبارة أحياناً أخرى٢.

ولقد هوجم الشيخ محمد عبده كثيراً واتهم بأنه ينكر وجود الله ـ بناء على مهاجمته لطريقة المتكلمين، وما ثم بعد طريقتهم إلا مذهب الفلاسفة. فلا يمكن أن يكون محمد عبده يريد إثبات وجود على الله على مذهب السلف ولا يكفي أيضاً دفاع الشيخ رشيد عنه، لأنه هكذا يفعل دائماً، فلا نركن كل الركون إلى دفاعه.

إلا أن الشيخ رشيد يقول إن الأستاذ الإمام كان يدعو لمذهب السلف ٣، ويقول بقولهم في الإيمان ٤ وأنه مات عليه ٥. ولو كان ما يقوله الشيخ رشيد حقاً ـ وإنا لنرجو ذلك ـ فإن الفضل في ذلك إلى الشيخ رشيد نفسه، الذي انتفع به الأستاذ الإمام في الوقت الذي تضرر منه الشيخ رشيد.


١ انظر: د. سليمان دنيا: محمد عبده بين الفلاسفة والمتكلمين ـ مقدمة لحاشية: محمد عبده على العقائد العضدية. ط. الحلبي، مصر (١/٢١ـ ٢٢) .
٢ انظر: المصدر نفسه.
٣ مجلة المنار (٢٩/ ٢٩٠) و٣١/ ١٢٣) وتفسير المنار (١/ ٣٩٥)
٤ انظر: تفسير المنار (٢/ ٤٠٥)
٥ انظر: تفسير المنار (٣/ ٣٦٤) غير أن الشيخ رشيد يقرر أن أستاذه على عودته إلى مذهب السلف كان لا يزال متأثراً بمذهب الأشعرية. انظر: تفسير المنار (١/ ٣٩٥) وانظر أيضاً تاريخ الأستاذ الإمام (١/ ٧٧٨)

<<  <   >  >>