للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها حديث أبي ذر لأنه ـ كما يقول ـ مختلف فيه بين الضعف والوضع ١.

والذي أريد أن أقف عنده هو مسألة نبوة إدريس وآدم. فالذي ورد فيما يتعلق بإدريس صلى الله عليه وسلم الخلاف في كونه هو إلياس أو غيره، ولم أر أحداً اختلف في كونه نبياً ولا في كون إلياس نبياً. فقد قال تعالى عن إلياس: {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} ٢، وقال عن إدريس: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيّاً} ٣.

وقال: {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ} ٤، فإن كان رشيد رضا يقصد ـ بناءً على تعريفه للنبوة وأنها أعم من الرسالة ـ أن إدريس نبي وليس رسولاً فالخلاف يتجه على تعريفه هذا ٥.

وأما آدم فرشيد رضا يرى أنه ليس نبياً ولا رسولاً، واحتج بقوله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ... } ٦ وبحديث أنس في الشفاعة: " ... ولكن ائتوا نوحاً أول رسول بعثه الله" ٧.

وأما حديث أبي أمامة: أن رجلاً قال: "يا رسول الله أنبياً كان آدم؟ قال: نعم، معلم مكلم" ٨ فرده لأنه أحادي ٩ وتأول المعلم بالملهم


١ تفسير المنار (٧/ ٦٠٤ ـ ٦٠٥)
٢ سورة الصافات، الآية (١٢٣)
٣ سورة مريم، الآية (٥٦)
٤ سورة الأنبياء، الآية (٨٥)
٥ انظر: النووي: شرح مسلم (٣/ ٥٥) ط. الريان.
٦ سورة النساء، الآية (١٦٣)
٧ البخاري: الصحيح: ك: الرقاق، باب: صفة الجنة والنار، ح: ٦٥٦٥ (١١/ ٤٢٥) ، ومسلم: الصحيح: ك: الإيمان، ح: ٣٢٢ (١٩٣)
٨ رواه الطبراني: في الكبير (٨/ ١١٨ ـ ١١٩) ح: ٧٥٤٥، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير أحمد بن خليد الحلبي وهو ثقة. وقال ابن كثير: هذا على شرط مسلم ولم يخرجه. البداية والنهاية (١/ ١٠١) ،، ورواه الطبراني أيضاً في الأوسط، وقال: الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، مجمع الزوائد (١/ ١٩٦) ، وروي هذا أيضاً عن أبي ذر: انظر: أحمد: المسند (٥/ ٢٦٥) ، وقال الهيثمي: فيه المسعودي وهو ثقة ولكنه اختلط، مجمع الزوائد (١/ ١٦٠) ، وانظر أيضاً (١/ ١٩٧)
٩ قد سبق بيان موقف رشيد رضا في مسألة أحاديث الآحاد، ولكنه يلجأ أحياناً إلى هذه القاعدة عند الحاجة فيبدو مضطرباً فيها. فهذا كلام متأخر له إذ أنه انتهى من تفسير هذا الجزء (السابع) في شعبان ١٣٣٧هـ. انظر: تفسير المنار (٧/ ٦٧٣)

<<  <   >  >>