للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجاب بأن الثلاثة: آدم وشيث وإدريس، كانوا أنبياء ولم يكونوا رسلاً، ولكن يشكل عليه حديث أبي ذر الذي صححه ابن حبان ففيه تصريح برسالة شيث، وإنزال الصحف عليه ١. وهو من علامات الإرسال. وأما إدريس فقد سبق القول بأنه قد يكون هو إلياس، وهو متأخر في بني إسرائيل فيندفع ـ لو صح ـ هذا الإشكال ٢.

والذي دفع رشيد رضا إلى اتخاذ هذا الموقف من "نبوة آدم" أن أحد طلاب مدرسته "الدعوة والإرشاد" قد تعرض للحكم بالكفر من المحكمة الشرعية بسبب رأيه في نبوة آدم. وقد دافع عنه رشيد رضا في مجلته "المنار" وهاجم المدعين عليه. وإن كانت محكمة الاستئناف الشرعية قد ألغت هذا الحكم، إلا أن رشيد رضا أراد في تفسيره أن يقرر هذا المذهب على نحو ما رأينا ليقول إن طالبه لم يكن مخطئاً. ولأن هذه القضية شغلت مصر يومئذ بين أنصار "نبوة آدم" وأنصار "عدم نبوته بالأدلة القطعية" ٣.

اتفاق الأنبياء:

هؤلاء الأنبياء ـ صلى الله تعالى عليهم ـ على كثرة عددهم وتباعد أوطانهم وأزمانهم، متفقون في أصل دينهم، وإن اختلفت شرائعهم، إلا أنهم جميعاً متفقون في أصل الدين والدعوة إليه، وهو الإيمان بالله تعالى وتوحيده. وهذا ما قرره رشيد رضا، فقال: "فالرسل عليهم السلام كانوا متفقين في الدعوة إلى الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح، وإنما كانوا يختلفون في تفصيل الأعمال الصالحة والشرائع المصلحة، بحسب اختلاف استعداد أممهم ... " ٤.


١ انظر: ابن حبان (٢/٧٧ ـ الإحسان) ، وعزاه ابن كثير لابن مردويه، وللآجري: التفسير (١/ ٥٥٤ ـ ٥٥٥)
٢ انظر: ابن حجر: فتح الباري (١١/ ٤٤٢)
٣ انظر: مجلة المنار (٢١/ ٤٩ ـ ٥٤) وهذه القضية كانت في شهر ربيع سنة ١٣٣٧هـ وهو نفس العام الذي فسر فيه رشيد رضا آية سورة الأنعام، وحقق فيها مسألة عدد الأنبياء ومن اختلف فيه منهم.
٤ تفسير المنار (١: ٢١٦)

<<  <   >  >>