للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعند قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} ١ قال: "المراد بهذا تقرير وحدانية الألوهية ووحدانية الربوبية، وكلاهما متفق عليه بين الأنبياء، فقد كان إبراهيم موحداً صرفاً، وقد كان الأساس الأول لشريعة موسى قول الله له (أنا الرب إلهك لا يكن لك آلهة أخرى أمامي، لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً، ولا صورة مما في السماء من فوق ومما في الأرض من تحت، وما في الماء من تحت الأرض، لا تسجد لهن ولا تعبدهن) ٢، وعلى هذا درج جميع أنبياء بني إسرائيل حتى المسيح عليه السلام، وهم لا يزالون ينقلون عنه في إنجيل يوحنا قوله (وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك، ويسوع المسيح الذي أرسلته) ٣. وغير ذلك من عبارات التوحيد، وكان يحتج على اليهود بعدم إقامتهم ناموس موسى (شريعته) وهو لم ينسخ من هذا الناموس إلا بعض الرسوم الظاهرة كالتشديدات في المعاملة، أمّا الوصايا العشر ـ ورأسها التوحيد والنهي عن الشرك ـ فلم ينسخ منها شيئاً ... " ٤.

والذي قرره رشيد رضا هو الصواب، وهو مما اتفقت عليه الأنبياء جميعاً٥.

المفاضلة بين الأنبياء:

ولا يمنع اتفاق الأنبياء في الدعوة من كونهم متفاضلين في الدرجات. فهناك نصوص صريحة في تفضيل بعض الأنبياء على بعض، وبعض الرسل على بعض. قال تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} ٦، وقال:


١ سورة آل عمران، الآية (٦٤)
٢ خروج (٢٠/ ١ـ ٥)
٣ يوحنا (١٧: ٣)
٤ تفسير المنار (٣/ ٣٢٥)
٥ انظر: الشوكاني: إرشاد الثقات (ص: ٥) وما بعدها.
٦ سورة البقرة، الآية (٢٥٣)

<<  <   >  >>