للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} ١ ولكن ما وجه الجمع بين هذه النصوص وبين قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تفضلوا بين أنبياء الله" ٢ وقوله: "لا تخيروني على موسى" ٣، وقوله: "لا يقولن أحدكم إني خير من يونس بن متى" ٤. ولقد قرر رشيد رضا المفاضلة بين الأنبياء، كما أجاب عن التعارض الظاهري بين النصوص في ذلك.

قال رشيد رضا مقرراً التفاضل بين الأنبياء: " ... ومن المعلوم بنص القرآن أن بعض الأنبياء والرسل أفضل من بعض، بتخصيص الله تعالى وبما كان لكل نبي من عمل في نفع العباد وهدايتهم وهي متفاوتة جداً ... " ٥.

فالسبب في هذا التفاضل كما يشير رشيد رضا في النص السابق: أمران:

الأول: تخصيص الله تعالى لهؤلاء الأنبياء بهذا الفضل، كما قال تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} ٦ وقال: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ} ٧.

الثاني: الأثر والنفع الذي يتركه النبي في أمته، ومقدار هدايته لهم، وكثرة أتباعه منهم. وبناءً على هذين الأمرين نستطيع أن نقرر باطمئنان أن نبينا صلى الله عليه وسلم هو أرفع هؤلاء الأنبياء درجة ـ صلى الله تعالى عليهم ـ وهو ما يقرره رشيد رضا فيقول: "ومن المعلوم بالدلائل العقلية والنقلية أن محمداً


١ سورة الإسراء، الآية (٥٥)
٢ رواه مسلم: الصحيح، ك: الفضائل، ح: ١٥٩ (٢٣٧٣) (١٥/ ١٣٠) بشرح النووي.
٣ رواه مسلم: الصحيح، ك: الفضائل، ح:١٦٠ (٢٣٧٣) [٤/١٨٤٤] والبخاري: الصحيح، ك: أحاديث الأنبياء، باب: وفاة موسى، ح: ٣٤٠٨ (٦/ ٥٠٨) مع الفتح.
٤ البخاري: الصحيح، ك: أحاديث الأنبياء، ح: ٣٤١٢ (٦/ ٥١٩) مع الفتح، ومسلم: الصحيح، ك: الفضائل، ح: ١٦٦ (٢٣٧٦) [٤/١٨٤٦] وانظر أيضاً: ح: ١٥٩ (٢٣٧٣) [٤/١٨٤٣]
٥ الوحي المحمدي (ص: ٢٠٤ ـ ٢٠٥)
٦ سورة القصص، الآية (٦٨)
٧ سورة الحج، الآية (٧٥)

<<  <   >  >>