للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يسمح لهم بلقائه، وقد استأذنوا عليه ليكلموه، وعلل ذلك بأنهم مخالفون لمشيئة أبيه كما تراه في آخر الفصل الثاني عشر من إنجيل متى وآخر الثالث من مرقس بالمعنى ... نعم إن إخوته لم يكونوا مؤمنين به كما هو مصرح به في موضع آخر، ولكن هل كانت أمه كذلك؟ وهل يجازيها هذا الجزاء؟ ... وإهانة الأم ذنب في جميع الشرائع والآداب، كما أن المبالغة في شرب الخمر ذنب حتى في الشرائع التي لم تحرمها مطلقاً، وجاء في هذه الأناجيل أن الشيطان استولى عليه أربعين يوماً يجربه ويدعوه إلى عبادته ١ ... ونحن نبرئه من كل ذلك. وهنا شهدت الأناجيل أيضاً بأن يوحنا كان يعمد الناس للتوبة ومغفرة الخطايا، وأنه عمد المسيح نفسه، وبأن أباه زكريا وأمه إليصابات " كان كلاهما بارين أمام الله سالكين في جميع وصايا الرب وأحكامه بلا لوم" ٢، وهذه شهادة بالعصمة التامة. وهناك أنبياء آخرون شهدت لهم نبوات العهد القديم بالبر ولم ينسب إلى أحد منهم أدنى خطيئة، وآدم عندما ارتكب الخطيئة لم يكن نبياً مرسلاً إلى أحد، ولا كان معه قوم يسيئون الاقتداء به، وكان قد نسي النهي عن الأكل من الشجرة ... " ٣.

ويريد الشيخ رشيد من هذا كله إثبات العصمة للأنبياء حتى بدلالة الكتب المقدسة عند أهل الكتاب، وأن عصمة المسيح من الذنوب التي يدعيها النصارى دليلاً على ألوهيته ليست كذلك.

وقد سبق الجواب عن الآيات القرآنية التي تتحدث عن استغفار الأنبياء من الذنوب ومغفرتها لهمن كقوله تعالى لخاتمهم: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} ٤ وقوله: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} ٥


١ انظر: لوقا (٤:١ـ ١٣)
٢ لوقا (١: ٦)
٣ الوحي المحمدي (ص: ٥٢ ـ ٥٣)
٤ سورة الفتح، الآية (٢)
٥ سورة محمد، الآية (١٩)

<<  <   >  >>