للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستغل النصارى هذه الروايات الغريبة لصالحهم، ـ وبما أنهم لا بدّ أن يؤمنوا بالتوراة ـ فقد اتخذوا من هذه الروايات سنداً يستندون إليه في تصحيح عقيدتهم في المسيح ـ عليه السلام ـ كما يقول الشيخ رشيد: " والنصارى منهم يحعلون معاصي الأنبياء دليلاً على عقيدتهم، وهي أن المسيح هو المعصوم وحده لأنه رب وإله، ولأنه هو المخلص للناس من العقاب على الخطيئة اللازبة اللازمة لكل ذرية آدم بالوراثة عنه، وأنه لا شفيع ولا مخلص لهم غيره، لأن المخطئ لا يخلص المخطئين وهو منهم، وهذه العقيدة الوثنية مخالفة لدين الأنبياء وكتبهم وللعقل، ومطابقة للأديان الوثنية الهندية وغيرها" ١.

ولكن الحقيقة لا تزول أبداً فلا بدّ أن نجد طريقاً لها، يقول الشيخ رشيد: " ... إن كتب العهدين القديم والجديد المقدسة عندهم والمحرفة في اعتقادنا لا تشهد لهم برمي جميع أنبيائها بالذنوب فضلاً عن المعاصي التي هي أشد من الذنوب، فإن يوحنا المعمدان: يحيى بن زكريا عليهما السلام لم يوصم بخطيئة قط، بل شهدت له أناجيلهم بما يدل على أنه كان أعظم من المسيح في عصمته، ففي إنجيل لوقا: "إنه يكون عظيماً أمام الرب وخمراً ومسكراً لا يشرب، ومن بطن أمه يمتلئ بروح القدس" ٢ وفيه: "كانت يد الرب معه" ٣، وقال المسيح فيه: "الحق أقول لكم إنه لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان" ٤، ثم قال فيه: "جاء يوحنا لا يأكل ولا يشرب فيقولون فيه شيطان، وجاء ابن الإنسان يأكل ويشرب فيقولون هو ذا إنسان أكول وشريب خمر محب العشارين والخطاة" ٥ بل شهدت الأناجيل أن المسيح عليه السلام أهان أمه وأخواته


١ الوحي المحمدي (ص: ٥١)
٢ انظر: لوقا (١:٦٥)
٣ لوقا (١: ٦٦)
٤ متى (١١: ١١)
٥ متى (١١: ١٨)

<<  <   >  >>