للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد أطال الشيخ رشيد الحديث في موضوع الكرامات وأعاد وكرر ذلك في مجلته وتفسيره وغيرها من مؤلفاته. وسوف أحاول أن اخلص من بين ذلك كله إلى تصوير رأيه ومنهجه في هذا البحث من خلال النقاط التالية:

أولاً: تعريف الولي:

عرف الشيخ رشيد كلمة "الولي" لغة وشرعاً، فقال: "الولي في اللغة الناصر والمتولي للأمور وقد نهى الله المؤمنين أن يتخذوا من دونه أولياء وقال: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} ١، وقال: {وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} ٢، وقال {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} ٣.وأولياء الله هم أنصار دينه، والمميز لهم كمال الاتباع المعبر عنه بالتقوى، فكل مؤمن تقي ولي، وليس عمل الغرائب ولا صدور الخوارق دليلاً على التقوى ولا على الولاية. قال تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} ٤ ... " ٥.

ثم بين الشيخ رشيد أن هناك اصطلاحاً ـ جاء لاحقاً ـ هو: "أن الأولياء صنف من الناس تظهر على أيديهم الخوارق ويتصرفون في الكون بما وراء الأسباب، ولم يعرف الصحابة هذا المعنى ... " ٦.

وهذا المعنى هو الذي حاربه الشيخ رشيد، وبين الفرق بين أصحابه المدعين للولاية وبين أولياء الله الحقيقيين الذين وصفهم القرآن بالإيمان والتقوى وبين أن هذا المعنى الاصطلاحي الحادث للولاية لم يكن معروفاً في صدر الإسلام. فقال: "إن ما يعتقده عوام المسلمين في الولاية في هذه الأزمنة لم يكن معروفاً


١ سورة البقرة، الآية (٢٥٧)
٢ سورة الأعراف، الآية (٣)
٣ سورة الزمر: الآية (٣)
٤ سورة يونس، الآية (٦٢ـ ٦٣)
٥ مجلة المنار (٦/ ١٨٥)
٦ تفسير المنار (١/ ٢٢)

<<  <   >  >>