للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في صدر الإسلام بالمرة، فلم يكن الصحابة يدعون بعض عبادهم بالأولياء. والولي في اللغة الناصر والصديق والمتولي الأمر، وجاء في القرآن أن لله أولياء وللشيطان أولياء، ... فولي الله من ينصر دينه ويقيم سنته وشريعته ... " ١.

وأما الأولياء الجدد فإنهم لا تنطبق عليهم هذه الصفات الشرعية، يقول الشيخ رشيد: "إنك إذا بحثت في حال الذين يدعون الخوارق تجدهم طلاب مال وطلاب جاه، وإنهم يقصدون بما يأتون استرهاب الناس بما يوهمونهم من قدرتهم على إيذائهم متى شاءوا أو تعليق آمالهم بهم وإيهامهم أن بأيديهم مقاليد الرزق ومفاتح الغيب، أو الجمع بين الأمرين، حتى إنهم جعلوا إرادة الله تابعة لإرادتهم، كما قالوا في الكلمة المأثورة عن الربانيين منهم: إن لله عباداً إذا أرادوا أراد ... " ٢.

ويصف أحد هؤلاء الأولياء المدعين، بما يبين الحال التي وصل إليها مفهوم الهداية عند الناس: "في الجيزة ٣ شيخ من الذين يعتقد الناس فيهم الولاية وينسبون لهم الكرامات، وهذا الشيخ متهتك مدمن خمر يجلس في الحانات التي في الشوارع العمومية ويشرب في مجلس واحد أكثر من ثلاثين كأساً، ونقل إلينا أن بعض الأغنياء الموصوفين بالصلاح يتقربون إلى الله ـ تعالى وتنزه عن تقربهم ـ بدفع ثمن الخمرة التي يشربها ويزعمون أن سؤره من الخمر فيه شفاء وبركة فيشربونه بهذه النية ... وحزب ولي الجيزة يعتقدون أنه يشرب الخمر فينزل في جوفه خمراً، ولكنه من أحباب الله (حاشا لله) الذين لا يؤاخذهم ولا يؤاخذ من ينتمي إليهم ويتصل بهم، وهذا الاعتقاد كفر وخروج عن ملة الإسلام بلا خلاف بين الأئمة. وما أوقع


١ مجلة المنار (٩/ ١٣٩)
٢ المصدر نفسه (٦/ ٥٧ ـ ٥٨) وقارن مع: الوكيل: هذه هي الصوفية (ص: ١١٧ ـ ١١٨)
٣ الجيزة: إحدى محافظات مصر، جنوب القاهرة.

<<  <   >  >>