للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناس فيه إلا الغلو في اعتقاد الكرامات وجعلها صناعة من الصناعات ... " ١.

وهكذا تحول معنى الولي من الالتزام بالدين بدرجة كبيرة من الإيمان والتقوى، إلى أن أصبح الخروج من الدين إلى الكفر. لقد وصل الأمر بهؤلاء المدعين للكرامات إلى دعوى أنهم يتصرفون في الكون نيابة عن الله تعالى؛ فيسعدون ويشقون، ويحيون ويميتون، ويعزون ويذلون، يقول الشيخ رشيد في ذلك: "حتى قال بعضهم إنهم يخرجون من قبورهم بأجسادهم، ويتولون قضاء الحاجات، وكشف الكربات، ولو كانت كذلك لما كانت من خوارق العادات. وقال بعضهم في كتاب مطبوع: إن فلاناً من الأقطاب يميت ويحيي، ويسعد ويشقي، ويفقر ويغني، بل قالوا وكتبوا ما هو أبعد من ذلك عن نصوص الكتاب والسنة القطعية المحكمة والعقائد المجمع عليها المعلومة من الدين بالضرورة في الأصل وما كان عليه مسلمو القرون الأولى، فصارت بانتشار الخرافات والجهل من الكرامات ... " ٢.

فليس وقوع الخوارق على يد بعضهم دليلاً على ولايتهم، وإنما يعرف ولي الله تعالى بالأوصاف التي وصفهم بها الله تعالى. يقول الشيخ رشيد: "وإنما يعرف ولي الله تعالى والصالح من عباده بأمر واحد وهو مطابقة اعتقاده للحق المؤيد بالبراهين الصحيحة، وموافقته في أخلاقه وسجاياه وأعماله السرية والجهرية لما أرشد إليه الدين والعقل ... " ٣. ومذهب الأشعرية أن الخوارق تقع على يد الجميع حتى الكفار والفساق، فيقول الشيخ رشيد معلقاً "وفي كتب العقائد التي تقرأ في الأزهر وغيره ... أن خوارق العادات تظهر على أيدي جميع أصناف الناس حتى الكفار


١ مجلة المنار (٤/ ٦٧٩) وقارن معك الوكيل: هذه هي الصوفية (ص: ١٠٩)
٢ الوحي المحمدي (ص: ٢١٤) ، وأشار الشيخ رشيد في موطن آخر إلى أن هذا الكتاب هو "ترياق المحبين" وكتاب "طبقات الوتري" والمدعي فيه ذلك هو "عبد الرحيم الرفاعي" انظر: مجلة المنار (٦/ ١١١) وقارن مع: الوكيل: المصدر السابق (ص: ١١٢)
٣ مجلة المنار (٥/ ٥٧ ـ ٥٨)

<<  <   >  >>