والفساق ... وإننا نقول لمن يأخذون أقوال هؤلاء بالتسليم: إذا كانت الخوارق تقع على أيدي جميع طبقات الناس فلا يجوز الاستدلال بها على أن من تظهر على يديه محق في اعتقاده أو مرضي عند ربه ... " ١.
هذه الحالة التي وصل إليها مفهوم الولاية والكرامة حتى وصلت للشرك بالله تعالى هو الذي جعل الشيخ رشيد يعلن الحرب على خوارق الدجالين المشعوذين، ويتخذ مع مبحث الكرامات عموماً موقفاً متشدداً. وهو ما نراه في المبحث التالي.
ثانياً: الكرامات:
لقد بحث الشيخ رشيد مسألة الكرامات ضمن المجلدين الثاني والسادس، وفي غيرهما من مؤلفاته. وقد حصر الكلام في هذه المسألة في النقاط التالية: حقيقتها، والحكمة فيها، حجج القائلين بجوازها ووقوعها، حجج المنكرين لها، ادعاء جميع الأمم لها، منفعة الاعتقاد بها ومضرته، وتمحيص الحقيقة فيما نقل من الكرامات.
وقد يبدو من سياق حديث الشيخ في المجلد الثاني ـ بادئ الرأي ـ أنه ينكر الكرامات أو على الأقل يرجح أدلة المنكرين، ولكن يحسن بنا أن نتريث حتى نصل إلى النهاية.
أ) ـ تعريف الكرامة:
عرف الشيخ رشيد الكرامة، فقال: "بأنها الأمر الخارق للعادة يظهر على يد العبد الصالح وهو من يقوم بحقوق الله تعالى وحقوق العباد. والأمر الخارق للعادة إما أن يكون خرقه لها بمجيئه على خلاف سنن الكون المعروفة ونقيض ما تقتضيه، أو بكونه لم تعرف له سنة طبيعية يندرج فيها، وإن كان في الواقع ونفس الأمر مندرجاً تحت ناموس طبيعي غير معروف عند كافة الناس. مثال الأول: العلم والتهذيب اللذين كان عليهما نبينا عليه
١ المصدر نفسه والصفحة، وقارن مع ابن تيمية: الفرقان (ص: ٣٤) وما بعدها.