للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا المقام إن لله تعالى في خلقه آيات تدل على أن قدرته تعالى حاكمة على سنن الكون لا محكومة بها. وقد قال تعالى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} ١، فحبلها على غير النحو المعهود في الخلق ليس لها فيه كسب ولا عمل بوجه ما، بل كانت كارهة له، فإن كان يعد مما نحن فيه فقصارى ما يدل عليه جواز وقوع مثله، وهذا هو مراد السبكي وغيره بالاستدلال به وبنحوه مما يأتي، أما الوقوع بالفعل، فلا يثبت إلا بدليل قطعي كالمشاهدة وكنص القرآن أو الخبر المتواتر تواتراً حقيقياً ... " ٢. ويقول في مسألة الثبوت: "على أنني إذا ثبت عندي أثر ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ بسند صحيح فإني أعده كرامة أكرمه الله بها بإلهام الأسد التنحي عن الطريق، ولكن لا أقول إن فيه مخالفة لسننه تعالى في الخلق، فإن مثل هذه الإلهامات بخلاف ما تقتضيه العادات الطبيعية الغالبة معهود في العجموات وفي الإنسان أيضاً ... " ٣.

والذي أريده الآن هو ثبوت الكرامة بالسند الصحيح فيضاف إلى الطرق التي بينها الشيخ رشيد: القرآن والتواتر.

وأما مسألة مخالفة السنن فهي التي تحتاج إلى استفهام من الشيخ رشيد. إنه يقول: "إن الله تعالى قد أقام نظام هذا الكون على سنن ثابتة مطردة ... وقال: {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً} ٤، وهذا نص قطعي لا معارض له إلا بقطعي مثله من مشاهدة ... أو تواتر صحيح ... وإذا أمكن إثبات الكرامات بدليل قطعي كالتواتر الصحيح أو النص القرآني الصريح، فهناك حجة الإثبات ناهضة ... " ٥.

فهل يرى الشيخ رشيد أن الآية تدل على عدم جواز وقوع الكرامات


١ سورة المؤمنون، الآية (٥٠)
٢ مجلة المنار (٢/ ٤٨١)
٣ المصدر نفسه (٢/ ٦٦١)
٤ سورة فاطر، الآية (٤٣)
٥ مجلة المنار (٢/ ٤٤٥)

<<  <   >  >>