ثم بين الشيخ رشيد استعداد العالم لهذه الرسالة الخاتمة ـ بناء على وجه الحاجة ـ فقال:"حاجة الناس إلى الشيء تولد فيهم الاستعداد له، فإذا استدللنا بالعلة على المعلول فلنا أن نستنبط استعداد الأمم لمصلح عام يرسله الله تعالى لهداية الأمم من شدة حاجة الأمم إلى ذلك الإصلاح، وإذا استدللنا بالمعلول على العلة فالدليل أوضح لأنه ههنا وجودي مشهود لا نظري مستنبط، وهو قبول الأمم على اختلافها في الأديان واللغات والمواقع هذا الإصلاح الروحي الاجتماعي الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام، بالوحي الإلهي والإلهام، فقد انتشر الإسلام في المشرق والمغرب بسرعة لم يعرف التاريخ مثلها حتى كان ملك الإسلام بعد ثمانين سنة من ظهوره أوسع من ملك الرومان بعد ثمانمائة سنة والرومان أعظم أمم التاريخ الماضي في الحروب والفتوحات ... " ١.
وبهذا القدر من البيان يظهر حاجة العالم إلى هذه الرسالة الخاتمة، واستعداده لها، ولكن ـ وكما ذكرت قبل ـ ليست الحاجة دليلاً على الوقوع فيجب إثبات هذا الوقوع بدليله، وهو ما نراه في المبحث التالي.